لا شك أن قرار المقاطعة الخليجية لدولة قطر سيكبدها خسائر مادية جمة ستنهك اقتصادها ما قد يجعلها قد تفكر في تغيير رؤاها السياسية الخطيرة التي لا تصب في مصلحة الإقليم والوطن العربي.
إيلاف: لاحظ مراقبون أن دولة قطر التي لا يزيد عدد سكانها على 2.7 مليون في زاوية من الساحل الشمالي الشرقي للجزيرة العربية كانت دائمًا تحاول التعامل مع العالم عبر تصوير نفسها أكبر من حجمها الحقيقي.
وبحسب "بي بي سي" فإن العالم بدأ يعرف قطر بفضل ناقلتها الوطنية، الخطوط الجوية القطرية، وقناتها الفضائية "الجزيرة"، ومن خلال الرياضة بعد فوزها باستضافة بطولة كأس العالم 2022، وكونها راعية سابقة لنادي برشلونة الإسباني الشهير.
وبعماراتها التي تناطح السماء في العاصمة الدوحة استدرجت قطر شركات عالمية كبرى لفتح مكاتب لها هناك. هذا كله يعني أن قطر يمكن أن تخسر الكثير جراء الخطوات التي اتخذتها السعودية وقطر والبحرين والإمارات واليمن وليبيا بقطع العلاقات الدبلوماسية، وما ترتب على ذلك من تداعيات، بينها غلق الموانئ البحرية والجوية أمام طائراتها وسفنها.
تعليق رحلات جوية
قررت شركة "الاتحاد للطيران" في أبوظبي وشركة "طيران الإمارات" تعليق كل رحلاتهما إلى الدوحة ومنها، ابتداء من صباح الثلاثاء 6 يونيو. وتسيّر الشركتان أربع رحلات بالاتجاهين يوميًا إلى الدوحة.
كما قررت شركتا "فلاي دبي" و"العربية للطيران" الإماراتيتان منخفضتا الكلفة إلغاء رحلاتهما إلى الدوحة، ومن المتوقع أن تحذو حذوهما شركات طيران أخرى، مثل شركة "طيران الخليج" البحرينية وشركة "مصر للطيران".
يأتي هذا بعد إعلان السعودية والإمارات ومصر وقف الرحلات إلى قطر ومنها، وغلق مجالاتها الجوية في وجه الخطوط الجوية القطرية.
ومن المتوقع أن تكون الناقلة الوطنية القطرية أكبر الخاسرين، بعد توقف رحلاتها إلى وجهات مهمة، مثل دبي وأبوظبي والرياض والقاهرة ومطارات السعودية.
وقت ووقود إضافيان
بغلق المجالات الجوية لبلدان كبيرة في المنطقة سيتعيّن على الشركة القطرية أن تغيّر مسار رحلاتها مع ما يقتضيه ذلك من زيادة في وقت الرحلات إلى جانب رفع فواتير الوقود، الأمر الذي من شأنه أن يثير استياء المسافرين. وكان نمو الخطوط الجوية القطرية ارتبط بتقديم نفسها حلقة وصل مركزية تربط آسيا وأوروبا عن طريق الدوحة.
ونقلت "بي بي سي" عن غانم نسبية مدير شركة كورنرستون غلوبال الاستشارية قوله: "إذا كانت رحلة طولها ست ساعات إلى أوروبا تستغرق الآن ثماني أو تسع ساعات، فسيتعيّن على الشركة أن تغيّر مسارات رحلاتها، وهذا سيجعلها أقل جاذبية، وقد يدفع المسافرين إلى البحث عن شركات طيران أخرى".
شحن الأغذية
تواجه البلدان الصحراوية مصاعب في زراعة المحاصيل الغذائية بسبب طبيعتها. ويتسم الأمن الغذائي بأهمية خاصة في قطر نظرًا إلى أن منفذها البري الوحيد إلى العالم الخارجي هو عن طريق الحدود مع السعودية، التي تعبرها يوميًا مئات الشاحنات المحملة بالبضائع، وخاصة المواد الغذائية. ويقدر أن زهاء 40 في المئة من غذاء قطر يأتي عن هذا الطريق.
قالت السعودية إنها ستغلق هذا المعبر الحدودي، وعندما تتوقف حركة الشاحنات سيقتصر اعتماد قطر على الشحن الجوي والبحري فقط.
وقال نسيبة إن ذلك "سيؤدي على الفور إلى تضخم يؤثر في المواطنين القطريين الاعتياديين. وإذا بدأت الأشياء تكلف أغلى بدرجة محسوسة، سنرى الشعب القطري يمارس ضغطًا سياسيًا متزايدًا على الأسرة الحاكمة لتغيير القيادة أو تغيير الاتجاه".
كما أشار نسيبة إلى أن الكثير من القطريين الفقراء يقومون برحلات يومية أو أسبوعية إلى السعودية للتسوّق من متاجرها الأرخص بضاعة. ومن الواضح أن غلق الحدود يعني أن عبورهم لن يعود ممكنًا.
قطاع البناء مهدد
من بين المشاريع الكبيرة التي تُنفذ الآن في قطر بناء ميناء جديد ومنطقة طبية وشبكة لقطارات الأنفاق وثمانية ملاعب لكأس العالم 2022. وتأتي مواد أساسية، مثل الخرسانة والفولاذ، عن طريق البحر، ولكن عن طريق البر أيضًا من الجارة السعودية.
تعوّل الدوحة على أن تساهم كأس العالم 2022 في زيادة طفرة البناء لديها |
وكما هي الحال مع المواد الغذائية فإن غلق الحدود يمكن أن يرفع الأسعار ويسبب تأخيرات، علمًا بأن نقص المواد خطر ماثل يهدد قطاع البناء في قطر، ومن شأن غلق الحدود أن يزيد أزمة المواد تفاقمًا.
يقول الباحث المتخصص في شؤون الخليج في معهد بيكر الأميركي كريستيان أولريكسن إن غلق المجال الجوي والحدود البرية فترة طويلة سيُحدث فوضى في الإطار الزمني ومواعيد التنفيذ.
مغادرة الأفراد
يمنع قطع العلاقات الدبلوماسية المواطنين السعوديين والمصريين والبحرينيين والإماراتيين والليبيين واليمنيين من السفر إلى قطر أو الإقامة فيها أو المرور عبر أراضيها، بحسب ما أوضحته الحكومة السعودية. وأُمهل المشمولون بهذا الإجراء 14 يومًا لمغادرة قطر.
في المقابل يُمهَل القطريون الفترة نفسها لمغادرة السعودية والإمارات والبحرين. وإذا فرضت مصر منعًا مماثلًا فستكون النتائج أشد وطأة. وبحسب تقرير أخير فإن زهاء 180 ألف مصري يعيشون في قطر، كثيرون منهم يمارسون مهنًا في مجالات الهندسة والطب والقانون، إلى جانب العمل في قطاع البناء. ومن شأن فقدان القوى العاملة أن يسبب مشاكل للشركات المحلية والأجنبية التي تعمل في قطر.
التجارة والأعمال
بدأت بوادر تضرر قطاع الأعمال من الآن. فالكثير من الشركات الخليجية تعمل في قطر، بما في ذلك في قطاع التجارة بالتجزئة. ومن الجائز أن تُغلق هذه المخازن، بصورة موقتة على الأقل، كما يقول نسيبة مدير شركة كورنرستون غلوبال الاستشارية. وفي هذه الأثناء ألغى فريق الأهلي السعودي الكبير اتفاق رعاية مع الخطوط الجوية القطرية.
أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "بي بي سي". الأصل منشور على الرابط الآتي:
http://www.bbc.co.uk/news/business-40156029
: