إيلاف من الرباط: ما زالت تداعيات حادث وفاة بائع السمك الشاب، محسن فكري، بمدينة الحسيمة المغربية (شمال)، مستمرة وتثير المزيد من الجدل والتفاعل على المستويين الشعبي والرسمي، وسط دعوات لتنظيم وقفات بعدد من المدن المغربية، دعا لها نشطاء وفعاليات مدنية وسياسية للتنديد بالطريقة التي قضى بها والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الوفاة.
وفي اول رد فعل له، قال بيان صادر عن عبد الاله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة المكلف، إن ابن كيران إذ يعبر عن أسفه الشديد للحادث المؤلم لوفاة بائع السمك بمدينة الحسيمة محسن فكري، مساء الجمعة، والذي فتح بشأنه بحث من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي انتقلت لعين المكان لهذه الغاية، فإنه يوجه كافة الأخوة والأخوات أعضاء الحزب والمتعاطفين معه إلى عدم الاستجابة بأي شكل من الأشكال لأي احتجاج بخصوص هذا الحادث المأساوي.
هشتاغ للتضامن
وأطلقت مجموعة من النشطاء على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك "هاشتاغا" للتضامن مع بائع السمك الهالك، تحت عنوان "#طحن_مو"،( اطحن امه) وهي العبارة التي استعملها أحد أعوان السلطة لأمر سائق شاحنة النفايات بـ"طحن محسن"، الذي ارتمى في شاحنة النفايات، محاولاً استرجاع بضاعته التي صادرتها منه السلطات.
وحقق الهاشتاغ المذكور انتشارًا واسعًا في حسابات تويتر وصفحات فيسبوك المغربية، والتي أرفقها النشطاء بكلمات المواساة لأسرته وأصدقائه، كما صبوا فيها غضبهم على وزارة الداخلية ورجالها الذين "حملوهم مسؤولية وفاة الشاب محسن".
فيما انتقد الكثير من المتفاعلين مع القضية في وسائل التواصل الاجتماعي الصمت المطبق للهيئات والمنظمات الحقوقية والمدنية إزاء الحادث، كما هاجم آخرون حكومة تصريف الأعمال، واتهموا رئيسها بعدم الاكتراث لوفاة مواطن مغربي.
وقفات احتجاجية
وشهدت مدينة الحسيمة التي كانت مسرحًا للحادث الأليم، اليوم السبت، العديد من المسيرات والفعاليات الاحتجاجية ضد مقتل الشاب فكري، مجددين دعوتهم للسلطات بتحمل كامل مسؤولياتها في كشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين في ما يسمونه "جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد".
وعرفت مدينة تطوان تنظيم تظاهرة شبابية مساء السبت للتعبير عن التضامن مع الضحية وعائلة، هتف فيها المحتجون ضد سياسة "الحكرة والتهميش"، وطالبوا بإنزال أقسى العقوبات بالمتورطين في الحادث.
وينتظر أن تشهد ساحات مدن الناظور والرباط والدار البيضاء وطنجة وفاس ومراكش وأكادير والراشدية وتزنيت والصويرة، يوم غد الأحد، وقفات احتجاجية للتنديد بما حصل في مدينة الحسيمة، دعت لها هيئات وفعاليات مدنية وسياسية.
وعلى المستوى الرسمي، خرجت المديرية العامة للأمن الوطني في بيان نفت فيه أن يكون أحد رجال الشرطة قد طلب رشوة من بائع السمك، وقال "مجموعة من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تداولت أخبارًا غير صحيحة، مفادها أن أحد رجال الشرطة طالب سائق السيارة التي كانت محملة بالأسماك بمبلغ مالي على سبيل الرشوة، وأن مسؤولاً أمنيًا هو من أعطى تعليماته لسائق الشاحنة بتشغيل آلية الضغط على النفايات (Benne-tasseuse) الموجودة في المقطورة الخلفية، مما أفضى إلى الوفاة".
وأضافت المديرية بأن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية شرعت فعلاً في إجراء بحث شامل ودقيق في النازلة، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك لتحديد جميع ظروف وملابسات هذه القضية، مجددة تأكيدها على أن الأخبار التي أثارتها مواقع "التواصل الاجتماعي" تبقى غير صحيحة وتحتاج التصويب، حسب البيان الذي زاد موضحًا "تؤكد المديرية العامة للأمن الوطني، بخصوص المزاعم التي تم الترويج لها بشأن موظفي الأمن، أن سائق السيارة التي كانت محملة بالأسماك قد نفى، بشكل قاطع، أن يكون قد تعرض للابتزاز أو المساومة من طرف أي شرطيّ، مفندًا بذلك الادعاءات التي تتحدث عن واقعة ارتشاء وهمية".
يشار إلى أن الشاب فكري، توفي ليلة الجمعة وسط شاحنة لسحق النفايات، بعدما كان يحاول استرجاع الأسماك التي صادرتها منه السلطات، بعد طرحها داخل الشاحنة، حيث فرمت جسده بداخلها، مخلفة حالة من السخط العارم لدى سكان الحسيمة، ووصل للعديد من المدن المغربية الأخرى.
وحسب المعطيات المتداولة، فإن الضحية من مواليد سنة 1985 بمدينة الحسيمة، يعيش مع عائلته التي يبلغ عدد أفرادها عشرة أفراد، وكان يمثل أحد معيليها الرئيسيين.