إيلاف من الجزائر: حذر الوزير الجزائري الأول عبد المالك سلال المؤسسات الحكومية والخاصة المختلفة في الجزائر من نشر إعلانات على موقعي "فايسبوك " و"غوغل"، أو التعرض لعقوبات ومتابعات قضائية، نظرًا إلى أن القانون الجزائري لا يسمح بذلك. غير أن خبراء في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال رأوا أن القرار جانب الصواب، ودعوا إلى تكييف القانون الجزائري مع ما تعرفه السوق الدولية للمعلوماتية من تطورات.
وقال سلال في تحذيره إن القرار جاء بعد أن "بلغنا أن متعاملين جزائريين قاموا بإدراج إعلانات مفوترة بالعملة الصعبة".
وتنشر مؤسسات جزائرية عدة إعلانات عن خدماتها ومنتوجاتها عبر الانترنت مخالفين القانون الجزائري الذي يمنع تقديم خدمات داخل البلاد مدفوعة بالعملة الصعبة.
حماية
أشار الوزير الأول في التعليمة الوزارية إلى أنه لاحظ "وجود لافتات ومقاطع فيديو إشهارية منشورة عبر خدمة غوغل آد وورد"، مطالبًا باتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد لهذه الممارسات غير المقبولة، بالنظر إلى أن الإشهار في الخارج يهدد المؤلفين الجزائريين ويتعارض مع القانون.
وبحسبه، يساهم السماح للمؤسسات الجزائرية بالإشهار عبر فايسبوك وغوغل في هروب إعلاناتهم نحو المواقع الإلكترونية الأجنبية على حساب المؤسسات الإعلامية الجزائرية.
وبدوره، يوافق يونس قرار، المستشار السابق بوزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، رؤية الحكومة الجزائرية في مبررها حماية المال المتداول في الجزائر ليستثمر من جديد داخل ترابها. وقال قرار لـ"إيلاف" إن هذا القرار يساعد في ضمان التمويل للصحافة الإلكترونية الجزائرية.
حد للحرية
لكن قرار انتقد في الوقت ذاته هذا القرار في جوانب أخرى، كونه يحد من سعي المؤسسات الاقتصادية إلى توسيع قاعدة عملاء منتوجاتها، كما يقدم صورة سلبية عن إجراءات الحكومة لتسهيل الاستثمار الأجنبي في الجزائر، خصوصًا أن شركتي فايسبوك وغوغل من المؤسسات الكبرى عالميًا.
ويرى قرار أن قرار الوزير الأول يتناقض مع تصريحات الحكومة التي تتحدث عن البحث عن موارد جديدة لدعم الاقتصاد الجزائري من خلال قطاعات خارج المحرقات على رأسها السياحة، موضحًا أن ابسط الطرق للتسويق للمناطق السياحية في الجزائر تبدأ بالترويج لها عبر المواقع الالكترونية المحلية والعالمية، لذلك لا يتوافق هذا القرار مع ما سطرته الحكومة من أهداف.
تحيين القوانين
ويصنف الخبراء الجزائر سوق اعلانات ناشئة، لكنها تعرف تطورًا سريعًا. وبحسب وزير الاتصال حميد قرين، قاربت قيمة الإعلانات في الجزائر 200 مليون دولار في 2015، وهي التي كانت لا تزيد على 80 مليونًا في 2006.
غير أن سوق الإعلان الالكتروني في الجزائر يبقى ضعيفًا، فلا يزيد حجم الأموال المتداولة فيه على مليوني دولار سنويًا، وفق ما قاله قرار لـ"إيلاف".
وبسبب الأزمة المالية التي تعيشها الجزائر جراء تهاوي أسعار النفط، أهم مورد لاقتصاد البلاد، تراجع حجم الإشهار العمومي في الجزائر 65 في المئة في السنوات الأخيرة، بحسب تصريح سابق لوزير الاتصال.
يرى مراقبون أن سلال لم يقدم إجراءً جديدًا، إنما ذكر بتطبيق القانون لأن قانون النقد الجزائري يمنع تحويل العملة الصعبة إلى الخارج إلا في نطاقات ضيقة، كما أن قانون الإشهار المعمول به حاليًا، والذي تعترف الحكومة بعدم مواكبتها للتطورات الحاصلة، لا يتطرق للإشهار الالكتروني.
ودعا قرار إلى إعادة صوغ القوانين المتعلقة بالإعلان وتحيين قوانين النقد، كما اقترح العمل على استقطاب فايسبوك وغوغل وأمثالهما لفتح مكاتب لها في الجزائر، ومن ثم ضمان تحويل بعض أموال الإعلانات عبرها في الجزائر.
غوغل رفض
جاءت تعليمة الوزير الأول بعد أيام قليلة من نشر موقع "غوغل" معلومات عن رفضه طلبًا من الحكومة الجزائرية يتعلق بتقديم معطيات شخصية حول أحد الجزائريين. وكشف غوغل، في تقريره عن الشفافية، تلقيه طلبات للمرة الاولى من القليل من الدول، بينها الجزائر والسعودية، وأكد رفض هذه الطلبات، في حين قبل غوغل في 2016 نحو 64 في المئة فقط من الطلبات المماثلة المقَدمة إليه.
غير أن قرار ينفي لـ"إيلاف" أن تكون لتعليمة سلال علاقة برفض غوغل الطلب الجزائري، "فالعالم كله يعلم أن غوغل مؤسسة كبرى يصعب على أي أحد مهما كان مساومتها".