إيلاف من الرباط: جاء القرار اليوم السبت خلال المؤتمر الوطني الاستثنائي للحزب، الذي نظم في القاعة المغطاة بالمركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله في الرباط.
وكانت الأمانة العامة للحزب قد تقدّمت بمشروع قرار يقضي بإرجاء موعد المؤتمر العادي للحزب لمدة سنة، أي حتى صيف العام المقبل، نظرًا إلى تزامن موعده مع تنظيم الانتخابات التشريعية يوم 7 أكتوبر المقبل.
حصل قرار الإرجاء على غالبية الأصوات، إذ وافق عليه 1566 مؤتمرًا، بينما اعترض 73 من مجموع المصوّتين الـ1644، مقابل إلغاء 5 أصوات.
موضع إجماع
في غضون ذلك، قال عبد الإله بن كيران الأمين العام للحزب، ورئيس الحكومة، إن الدعوة إلى انعقاد مؤتمر استثنائي للحسم في موعد تنظيم المؤتمر الوطني للحزب كانت موضع إجماع من لدن جميع أعضائه.
وعدّ بن كيران المؤتمر الوطني الاستثنائي "ليس مؤتمرًا عاديًا"، بل هو تتويج لمسار طويل، انطلق من رحم الحركة الإسلامية، ليتطور نحو حزب سياسي صادف الصدود في البداية والرفض، لكنه وجد الصدر الرحيم لزعيمه التاريخي الدكتور عبد الكريم الخطيب.
وذكر أن مسار حزب العدالة والتنمية "لم يَخل من محاولة إرباك من الخصوم الذين يعلم الله أين هم مندسون". وأردف قائلًا: "أقول لهم وفّروا على أنفسكم ما تفعلون فأنتم تضيّعون وقتكم".
وخاطب بن كيران المؤتمرين قائلًا: "تحرصون على أن يعرفكم الناس على حقيقتكم، والمغاربة يتوقون إليكم، ليس كحزب، ولكن كمدرسة شامخة"، مضيفًا أن الخصوم "كيفما حاولوا مواجهتكم فقد فشلوا، أرادوا أن يطعنوا في ديمقراطيتكم الداخلية، فلم يجدوا حزبًا أكثر ديمقراطية منكم، كل هذه المحاولات باءت بالفشل، وكل محاولة تسير في هذا الاتجاه ستؤول بالفشل".
تريد لهم الخير
وتحدث بن كيران عن حكومته الائتلافية، فقال إن "المواطن البسيط يشعر بأن هذه الحكومة تهتم به، لأنها أحيت صندوق التماسك الاجتماعي، وصرفت تعويضات مالية للمطلقات، ورفعت في المنح الخاصة بالطلبة، وخفضت أسعار آلاف الأدوية"، منبهًا في السياق عينه إلى أن "المغاربة يعرفون من يريد لهم الخير، وقد استقر في أذهانهم أن هذه الحكومة تريد لهم الخير".
ووصف بن كيران المرحلة الحكومية الحالية بأنها "من أفضل المراحل التي قضتها الحكومات منذ الاستقلال"، مشيرًا إلى أن بعض الخصوم الذين يفكرون في عرقلة مسار حزب العدالة والتنمية، يأتون في كل مرة بمقترح وفكرة وقيادة جديدة، من أجل إفشال المسار والفكرة، مبرزًا أنهم لن ينجحوا في ذلك أبدًا. وقال إنهم، ولو اعتمدوا على بضع صحف ومواقع وأشخاص، إما يملكونها أو يتحكمون فيها، فلن يستطيعوا أن يوقفوا "العدالة والتنمية".
في سياق ذلك، أشار بن كيران إلى أن حزب العدالة والتنمية لن يتراجع عن مسار الإصلاح في ظل الاستقرار الذي اختاره. وقال إن الحزب الذي يقوده لم يعد له الحق في أن يتراجع عن هذا المسار، مبرزًا أن "الحكومة نفذت وباشرت إصلاحات كبرى، بعدما وجدت البلاد في أزمة يعيشها صندوق المقاصة ( صندوق دعم المواد الأساسية)، وإضرابات عشوائية، ومشاكل في ملف التوظيف، ومشاكل في ملف الماء والكهرباء، وفي ملف القضاء، والنقل، كما وجد موازنة المغرب في حالة اختناق، وكنا على شفا تقويم هيكلي جديد"، قبل أن تعالج الحكومة الحالية كل هذه المشاكل، يضيف أمين عام حزب العدالة والتنمية.
الحداثة نسيت المدن
وشدد بن كيران على القول "إننا نشهد الشعب المغربي أننا لن نتراجع، رغم كل أساليب المكر والخداع والمناورات والتلفيق والباطل، والتفتيش في الماضي، والبحث عن الملفات، لأنه ليس لدينا حق في التراجع".
وزاد قائلًا: "نعتز بالله، وبالشعب المغربي الذي بيّن عن قدرته في التضحية، بعدما وجد فينا المعقول"، مضيفًا أنه "لا أحد اتهمكم في المصداقية، إلا البعض الذي ينشر الكذب بعدما عجز عن الطعن في ذمتكم".
وقال بن كيران "أتحدى العالم أن يثبت أني وظفت أحدًا من عائلتي في أي منصب من المناصب"، مضيفًا أن "الناس يبحثون عن أمانتكم، ولا ينظرون لمظهركم أو لباسكم"، مشددًا على أن المطلوب هو "الوفاء بالوعود والعهود، والصبر والاعتدال، وتقديم مصلحة الوطن على مصلحة الحزب.. وهذا ما يميّز العدالة والتنمية".
وأشار إلى أن "يوم 4 سبتمبر الماضي كان ساعة للحقيقة، اصطدمت عليها كل رغبات المتآمرين، الذين استعملوا كل الوسائل غير المشروعة، عبر توظيف الإعلام وشن الحملات وتزوير الحقائق"، متسائلًا: "كيف تسربت الحداثة إلى بعض البوادي، ونسيت أن تحط رحالها في المدن المغربية"، في إشارة إلى اقتصار نتائج حزب الأصالة والمعاصرة المعارض على البوادي والقرى.
وخاطب بن كيران أعضاء حزبه بالقول إن "النصر لديه أسباب معنوية، قبل أن تكون مادية، وأن معركة الأخلاق حسمت لمصلحتكم"، مضيفًا أنهم "تمكنوا، من خلال الإعلام الذي يملكونه، من التشويش على المواطن البسيط، بخصوص الانتصار الذي حققناه في الانتخابات الجهوية الأخيرة، ومحاولة تقديمه انتكاسة لحزبنا، ودفع المواطن إلى مقاطعة التصويت، بعدما صوّت لحزب العدالة والتنمية، فتبيّن له شيء آخر".
العثماني ينتقد المشوشين
من جهته، قال سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب، ووزير الخارجية السابق، إن "هناك من يريد التشويش على الحزب"، مؤكدًا "نحن يد واحدة، وقلب واحد، وشخص واحد، لإنجاز رسالة الحزب في الواقع.. ونعمل على ألا تكون المصالح الشخصية في اختياراتنا".
وأضاف العثماني، في كلمة له في المؤتمر، أن "قوة حزب العدالة والتنمية تكمن في تلاحم أعضائه وثقتهم وقوة بنيانهم الداخلي"، داعيًا إلى "الحرص على هذه العلاقة، وعدم الاستهانة بهذا المستند الأساس".
ودعا العثماني المؤتمرين إلى عدم الاكتراث بافتراءات المشوشين"، وعدم تصديق الكثير مما ينشر"، مبرزًا أن قرار عقد دورة استثنائية للمؤتمر الوطني، وفق قانونه الأساسي، "كمحطة سياسية، وليس فقط تقنية"، "يمثل جزءًا من اعتزاز الحزب بمساره الديمقراطي وتجسيده على أرض الواقع".