: آخر تحديث

خبز الباغيت الفرنسي يغذّي التراث الثقافي غير المادي للبشرية

54
56
44
مواضيع ذات صلة

باريس: أدرجت منظمة اليونسكو الأربعاء خبر الباغيت الشهير الذي يَزِن "250 غراماً من السحر والكمال" على قائمتها للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، نظراً إلى كونه رمزاً معبّراً عن الثقافة الفرنسية في العالم، وعنصراً أساسياً في الحياة اليومية للفرنسيين.

ويشكّل هذا التصنيف تقديراً للمهارات الحرفية في إعداد الباغيت وللثقافة المحيطة بهذا العنصر الذي لا تكتمل المائدة الفرنسية من دونه، إذ تهدف المنظمة الدولية من قائمتها هذه إلى التعبير عن أهمية التقاليد وعن ضرورة الحفاظ عليها لا على المنتجات نفسها.

وهذا الخبز ذو القشرة المقرمشة والداخل الطريّ، والذي ظهر في مطلع القرن العشرين في باريس ، يُعتبر اليوم أكثر نوع خبز يُستهلَك في فرنسا.

ويشكّل الذهاب إلى المخبز للتزوّد بالباغيت، كما يفعل 12 مليون مستهلك فرنسي يومياً، عنصراً متجذراً في المجتمع الفرنسي، وواحدة من العادات المتأصلة في يوميات الفرنسيين. ويصل عدد قطع الباغيت التي تباع سنوياً إلى ستة مليارات.

ورأى رئيس الاتحاد الوطني للمخبوزات والحلويات الفرنسية دومينيك أنراكت في بيان أن إدراج الباغيت في قائمة اليونسكو "خبر كبير للخبازين، وهو بمثابة تقدير". وقال لوكالة فرانس برس من الرباط ، حيث أعلنت نتائج تصنيف اليونسكو، أن هذا الإدراج قد يدفع "الشباب إلى امتهان صناعة الخبز، وقد يحفّز الأجانب على اكتشاف" الباغيت.

واعتبرت الخبازة الباريسية بريسيلا هايرتز أن الإدراج "هو بالفعل نوع من التكريس". وقالت "إنه منتج أساسي يعني كل الفئات الاجتماعية والثقافية ، فالجميع يأكلون الباغيت، سواء أكانوا أغنياء أو فقراء".

وقالت وزيرة الثقافة الفرنسية ريما عبد الملك "إنه تقدير كبير لحرفييننا وهذه الأماكن الجامعة التي هي مخابزنا!".

أما المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي فلاحظت أن المنظمة التابعة للأمم المتحدة تؤكد بإدراجها الباغيت في قائمتها أن "العادات الغذائية يمكن أن تشكل تراثاً في ذاتها".

وكان الرئيس إيمانويل ماكرون دعم ملف الترشيح الذي تقرر عام 2021 من خلال وصفه رغيف الباغيت الفرنسي بأنه عبارة عن "250 غراماً من السحر والكمال".

وتكمن أهمية إدراج الباغيت في قائمة اليونسكو في كونها تعيد إبراز أهمية إنتاجه حرفياً في وقت يشكّل الإنتاج الصناعي خطراً على الخبازين الحرفيين الذي يعانون انحسار عدد مخابزهم وخصوصاً في المناطق الريفية. ففي عام 1970، كان عدد المخابز الحِرفية 55 ألفاً (بمعدل مخبز لكل 790 نسمة)، أما اليوم فبات عددها 35 ألفا (اي واحداً لكل ألفي نسمة)، اي أن 400 مخبز تتوقف عن العمل سنوياً في الأعوام الخمسين الأخيرة.

وفي ظل التطور المستمر لصناعة الرغيف، فرض "مرسوم الخبز" في العام 1993 تسمية "الباغيت التقليدي الفرنسي" بهدف حماية الخبازين الحرفيين وفي الوقت نفسه فرض شروط صارمة للغاية تحظر استخدام المواد المضافة.

كذلك تقام مسابقات وطنية لصناعة الخبز، يُقسم فيها المرشحون إلى فئات للسماح لتمكين هيئة التحكيم من تقييم نوعيته مذاقاً وشكلاً.

ويحصل ألاّ يوفّق خبّاز في إنتاج رغيف ما، حتى لمن هو صاحب باع طويلة وخبرة واسعة. وأوضح الخباز الباريسي جان إيف بولييه لوكالة فرانس برس عام 2019 "يعتمد صنع الباغيت الفرنسي بشكل كبير على الطقس ويجب الأخذ في الاعتبار درجة حرارة العجين والماء والمخبز".

واضاف "ليكون مثاليا، يجب أن يكون المخبز دافئا ولكن ليس أكثر من 22 درجة، ورطبا ولكن ليس أكثر من اللازم وإلا فإن العجين يتفكك والخبز يجف".

ويتطلب صنع هذا الخبز العجن البطيء والتخمر الطويل والتشكيل اليدوي والخبز في فرن الموقد، وكل هذا يحتاج إلى إلمام ومهارات على ما يشرح المتخصصون.

وقال لويك بيانازي من المعهد الأوروبي لتاريخ الأغذية وثقافاتها، وهو أحد أعضاء اللجنة العلمية التي أعدت الملف المقدّم إلى اليونسكو "ظهرت كلمة +باغيت+ في مطلع القرن العشرين وأصبحت شائعة بين الحربين العالميتين".

وأضاف لوكالة فرانس برس "في البداية، كان يعتبر الخبز الفرنسي منتجا فاخرا إذ كانت الطبقات الشعبية تأكل الخبز الريفي الذي يخزن بشكل أفضل. ولاحقا أصبح استهلاكه شائعا بين كل الطبقات الاجتماعية ووصل إلى الأرياف في ستينات القرن العشرين وسبعيناته".

أما اليوم، فيشهد استهلاك الباغيت الفرنسي تراجعا وخصوصا في صفوف أثرياء المدن الذين يختارون الخبز بالخميرة، نظراً إلى اتصافه بمزايا غذائية أكبر، وفقا لما قاله بيانازي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.