لطالما ترددت في مساجدنا دعوات النصر على أعداء الدين، وتكررت على ألسنتنا كأنها الحل السحري لمصائبنا.
اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واجعل بلادنا آمنة مطمئنة وسائر بلاد المسلمين. أدعية سمعناها، تعلمناها، وكررناها جيلاً بعد جيل.
لكن حين نلتفت إلى الوراء، نجد أن أعداء الإسلام لم يفعلوا بنا ما فعلناه نحن بأنفسنا. لا تحتاج هذه الحقيقة إلى تأمل عميق، فالأرقام تتحدث بوضوح:
- في آسيا، 21 من 27 دولة إسلامية غارقة في النزاعات.
- في إفريقيا، 16 من 26 دولة إسلامية تعيش في حروب أنهكت شعوبها لعقود.
- من بين 22 دولة عربية، 18 دولة تعاني من صراعات داخلية أو خارجية.
- حتى في أميركا الجنوبية، بدأت الدول الإسلامية القليلة هناك نزاعات إقليمية جديدة.
- أما شمال إفريقيا، فلا تزال خلافاته الحدودية والسياسية تعيد إنتاج نفسها بلا نهاية.
وماذا عن الحروب الطائفية التي لم تهدأ؟ الحرب العراقية الإيرانية التهمت مليونَي روح، والصراع السني - الشيعي في العراق وسوريا واليمن ما زال يحصد الأرواح. النزاع بين العرب والأكراد، بين القبائل والطوائف، بين الدول والجماعات... كلها صراعات بين مسلمين، لا بيننا وبين "أعداء الإسلام".
ودائماً هناك مستفيد من خلق جبهات داخلية لينعش فكر التفرقة ويركب موجتها.
أما آن الأوان لنعترف أن عدوّنا الحقيقي ليس في الخارج، بل يسكن بيننا، في انقساماتنا وصراعاتنا الداخلية؟
أما آن الأوان لنفهم أن الطائفية والعرقية والمذهبية لم تترك لنا وطناً لنحميه، قبل أن نفكر في عدو خارجي؟
أما آن الأوان لنفتح أعيننا قبل أن يغرقنا العمى الذي صنعناه بأيدينا؟
أما آن الأوان لندرك أن من حسبناهم أعداء الإسلام لم يشغلهم الإسلام بقدر ما شغلنا أنفسنا بصراعاتنا التي أضعفتنا؟