: آخر تحديث

روسيا تسجل نمواً يفوق أميركا والاقتصاد العالمي

7
7
5

تشير البيانات الصادرة عن السلطات الروسية حول مجمل عام 2024، الى أنَّ الاقتصاد سجل نسبة نمو بلغت 4 بالمئة، وهو رقم واعد ومميز بالنظر إلى حالة عدم اليقين التي تسيطر على الاقتصاد العالمي، مع توسع رقعة الصراعات الجيوسياسية، بالإضافة إلى عجز عدد من القوى البارزة عالمياً عن الخروج من حالة الركود المستمرة منذ انتشار جائحة كورونا.

اللافت أنَّ روسيا نجحت في تسجيل نسبة نمو مرتفعة، قياساً إلى توقعات صندوق النقد الدولي وكبريات المؤسسات المالية العالمية، وبالرغم من ضغط سلاسل العقوبات الأميركية والغربية، وانخفاض الأسعار العالمية للسلع الرئيسية للصادرات الروسية.

روسيا تتقدم على أميركا
كذلك تبين الأرقام الصادرة عن صندوق النقد الدولي أنَّ روسيا تحتل المركز الأول في أوروبا، والرابع على صعيد العالم من ناحية حجم الاقتصاد وتعادل القوة الشرائية، متفوقة على اليابان، حيث احتلت الصين المركز الأول، وأميركا المركز الثاني، والهند المركز الثالث. بيد أنَّ نسبة النمو التي سجلها الاقتصاد الروسي تجاوزت تلك التي سجلتها أميركا، والتي كانت بحدود 2.5 بالمئة، بالرغم من هيمنة واشنطن ونيويورك على الاقتصاد العالمي وأدواته ومفاتيحه. علاوة على أن مؤسسة "غولدن مان ساكس" توقعت ألا تتجاوز نسبة النمو في أميركا لعام 2025 نحو اثنين بالمئة.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعرض منذ أيام قليلة خلال مؤتمر صحفي نتائج العام الماضي، مبيناً أن اقتصاد بلاده نما بنسبة 8 بالمئة، بينما في أميركا 5.6 بالمئة، وأوروبا 1 بالمئة فقط. كما بلغت نسبة نمو الاقتصاد العالمي 2.6 بالمئة، وتصل التوقعات الى بلوغها نسبة 2.9 بالمئة لعامي 2025 و2026. الأمر الذي يعكس حيوية الاقتصاد، وقدرته اللافتة على تجاوز كل المعوقات البنيوية التي فرضها الغرب، وتحويلها الى فرص للانفتاح على أسواق جديدة في آسيا وأفريقيا، وحتى أميركا الجنوبية.

كذلك، أشار الرئيس الروسي إلى أنَّ معدلات البطالة في بلاده سجلت رقماً تاريخياً غير مسبوق، حيث انخفضت الى 2.3 بالمئة. وبين بوتين أنَّ النمو الصناعي عن عام 2024 بلغ 4.5 بالمئة، وأن قطاع الصناعات التحويلية نما بنسبة 8.1 بالمئة، وكذلك الهندسة الميكانيكية بنسبة 20 بالمئة. وهذه كلها أرقام تظهر مدى الحيوية التي يتمتع بها الاقتصاد، ولا سيما على صعيد الصناعات الثقيلة، بمعزل عن صادرات موسكو من الغاز الطبيعي.

أرقام تكذب الروايات الغربية
ما سبق يدحض كل الروايات التي دأبت الدول الغربية وعلى رأسها أميركا على ترويجها عبر وسائل الإعلام منذ سنوات، والتي تتحدث عن معاناة موسكو الاقتصادية، وأنها ستجثو على قدميها في المستقبل القريب.

بينما عند التدقيق في الأرقام الصادرة عن المؤسسات الدولية، نجد أنَّ اليابان خفضت عملتها الوطنية بنسبة 40 بالمئة، وأنَّ فرنسا سجلت ارتفاعات قياسية في نسب المديونية العامة، الأمر الذي قوض من قدراتها الاقتصادية بشكل هائل، بما أفضى الى حالة عدم استقرار سياسي ترجمت بسقوط الحكومات الواحدة تلو الأخرى.

ناهيكم عن تسجيل ألمانيا، القوة الصناعية الرائدة والتي تعد قاطرة الاقتصاد الأوروبي، نسبة ركود بلغت اثنين بالمئة للعام الثاني على التوالي، وسط توقعات سلبية إزاء الأعوام المقبلة، مما أدخل البلاد في اضطراب سياسي واجتماعي، حيث انهار الائئلاف الحكومي، وارتفعت وتيرة التحركات الشعبية احتجاجاً على إغلاق المصانع والإجراءات التقشفية.

في حين أن نسبة الدين الخارجي الأميركي تعدت الدخل القومي بنسبة 20 بالمئة، وسط حالة من عدم اليقين ترجمت بصراع بين الحكومة والكونغرس حول الموازنة لسنتين على التوالي. علاوة على ذلك، فإنَّ معدل البطالة في أميركا تجاوز الرقم التاريخي الذي سجلته روسيا، حيث بلغ 4 بالمئة. ويعد معدل الدين الخارجي من المؤشرات الشديدة الأهمية لملاءة الاقتصاد وآفاقه المستقبلية وقدرته على استقطاب الاستثمارات. ومعدل الدين الخارجي هو حجم الالتزامات التي تتحملها الحكومة والبنك المركزي والمؤسسات المالية والقطاع الخاص تجاه الدائنين الأجانب.

العقوبات كعامل تحفيز
تشير تقارير صندوق النقد الدولي الى أن روسيا واليابان تتصدران قائمة الدول الأسرع في العالم على صعيد خفض الدين الخارجي ضمن مجموعة G20. الأمر الذي يعكس عدم اعتماد موسكو على الدين الخارجي لتحفيز النمو، على عكس الدول الغربية وعلى رأسها أميركا. وتحفيز الاستثمار عبر سياسات حكومية للاستدانة من الخارج كانت السبب الرئيسي في انهيار الائتلاف الحكومي في ألمانيا.

وفي هذا الإطار، تتوقع السلطات الروسية المختصة استمرار تطور ونمو الاقتصاد عام 2025 وتسجيله نسبة تتجاوز 2.5 بالمئة، ونمو معدل الاستثمار الى نحو اثنين بالمئة. بيد أن الإشكالية التي تعاني منها موسكو هي ارتفاع معدلات التضخم، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى بلوغه مستوى بين 9.6 – 9.8 بالمئة كمعدل سنوي. علماً أن التضخم يعد نتيجة طبيعية للعقوبات الهائلة.

ومع ذلك، عمدت الحكومة الى اتخاذ سياسات لاحتواء هذا التضخم وعدم انفلاته وإبقائه قيد السيطرة، في ظل المؤشرات الحيوية الهامة التي يحرزها الاقتصاد. لذلك قام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة الى 21 بالمئة كمعدل سنوي، ومن المترقب رفعها مجدداً الى 23 بالمئة في الأسابيع المقبلة.

تأسيساً على ما سبق، نجد أن سلاسل العقوبات الأميركية والغربية حفزت الاقتصاد الروسي لتفجير طاقاته وقدراته، فيما أنها عادت بالسلب على أوروبا بالدرجة الأولى مع حرمانها من الغاز الروسي. فبدت كمن يطلق النار على قدميه، مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات وتراجع الإنتاج الصناعي، وحتى على الصعيد الزراعي، حتى كادت تنفجر ثورة فلاحين في أوروبا الغربية بسبب الإجراءات الحمائية للإنتاج الزراعي الأوكراني على حساب الإنتاج الوطني.

وكذلك الحال بالنسبة الى أميركا التي أرادت إغراق الاقتصاد الروسي في المستنقع الأوكراني، لمنعه من منافستها، مع تطويقه بالعقوبات، لكنها عجزت عن ذلك، مع استمرار الأزمات الاقتصادية في الانفجار لديها، الى درجة دفعت برئيسها العائد الى البيت الأبيض، دونالد ترامب، الى تهديد أوروبا لإجبارها على شراء الغاز الأميركي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف