مع بدء العام الدراسي الجديد في إيران، تكشف إحصائيات مثيرة للقلق أن 790 ألف طالب لم يعودوا إلى الفصول الدراسية، مما يسلط الضوء على أزمة متفاقمة في نظام التعليم في البلاد. ووفقًا لمحمد علوي تبر، نائب مدير منظمة البحوث والتخطيط التربوي، فإن 890 ألف طالب لم يطلبوا كتبهم المدرسية بعد، ومن بين هذه المجموعة، لم يسجل 790 ألف طالب في المدارس. وحتى بين أولئك الذين سجلوا، لا يزال مصير 100 ألف طالب غير مؤكد، حيث لم يتقدموا بعد بطلبات لتلقي كتبهم المدرسية.
في بلد من المتوقع أن يحضر فيه أكثر من 16 مليون طالب إلى المدرسة هذا العام، فإن هذا الغياب الواسع النطاق يشير إلى تحدٍّ متزايد. يبلغ عدد الأطفال المسجلين في المدارس الابتدائية حوالي 9.2 مليون طفل، و3.8 مليون في المدارس الإعدادية، و2.9 مليون في المدارس الثانوية. ومع ذلك، تساهم المشاكل البنيوية داخل النظام التعليمي في إيران، بما في ذلك عدم المساواة في الوصول إلى الموارد، والفجوة المتزايدة بين المدارس العامة والخاصة، والنقص الشديد في المعلمين، في ارتفاع معدل التسرب.
المدارس الريفية والمحرومة تواجه تحديات صارخة
في الأسابيع الأخيرة، ظهرت صور تُظهر الظروف المزرية للمدارس في المناطق الريفية والمحرومة. تعرض الطرق غير القابلة للسير حياة الطلاب للخطر، وتفتقر العديد من المدارس حتى إلى أبسط المرافق التعليمية، مما يثير التساؤل حول وجود المساواة الأكاديمية في إيران. التحديات شديدة بشكل خاص في محافظات مثل سيستان وبلوشستان، حيث يواجه الطلاب معدلات نجاح منخفضة بشكل غير متناسب بسبب الفرص التعليمية المحدودة.
كشف تقرير صدر في أيار (مايو) 2023 أنه خلال العام الدراسي 2021-2022، فشل ما يقرب من 11 بالمئة من طلاب المدارس الابتدائية في إكمال دراستهم. كانت نسبة النجاح في محافظة سيستان وبلوشستان هي الأدنى، حيث لم يكمل سوى 75 بالمئة من الطلاب دراستهم. وبالمثل، لم ينجح 12 بالمئة من طلاب المدارس الثانوية في المنطقة في اجتياز امتحاناتهم النهائية، وهو أدنى معدل في البلاد.
نقص المعلمين وتدهور الأوضاع في المدارس العامة
إن أحد العوامل المهمة التي ساهمت في أزمة التعليم هو نقص المعلمين في جميع مستويات التعليم. الفصول الدراسية المكتظة هي القاعدة، وخاصة في المناطق المحرومة. واضطرت وزارة التعليم إلى سد الفجوات من خلال إعادة توظيف المعلمين المتقاعدين وتجنيد معلمين جدد بدون دافع كبير للتدريس. أدى عجز الوزارة عن تقديم رواتب تنافسية إلى احتجاجات نقابية، مما أضعف معنويات المعلمين.
يُحرم طلاب المدارس العامة بشكل متزايد من الموارد التعليمية الأساسية، في حين تفرض المدارس الخاصة غير الربحية رسومًا دراسية مرتفعة، وتقدم امتيازات خاصة للطلاب من الأسر الأكثر ثراءً. هذا التفاوت في الوصول إلى التعليم الجيد يؤدي إلى تفاقم الفجوة التعليمية.
الضغوط الاقتصادية والسياسية على المعلمين والطلاب
الصعوبات التي يواجهها النظام التعليمي في إيران تتفاقم بسبب الضغوط السياسية المتزايدة على المعلمين. فعلى مدى العقد الماضي، وخاصة في العامين الماضيين، واجهت المجتمعات الثقافية والتعليمية قمعًا متزايدًا من قبل النظام. تم طرد العديد من المعلمين أو استدعاؤهم بسبب أنشطتهم النقابية، وتمت إقالة بعض مديري المدارس والمعلمين من مناصبهم.
بالإضافة إلى ذلك، أدى التأثير الأيديولوجي للنظام على المناهج الدراسية إلى تقويض جودة التعليم. حيث يتم مراجعة الكتب المدرسية بشكل متكرر لتعزيز أيديولوجية الدولة، مما يجعل المعلمين يكافحون لمواكبة التغييرات.
الانحدار التعليمي ينعكس في أداء الطلاب
تنعكس آثار هذه التحديات في تراجع أداء الطلاب الإيرانيين. كشف علي رضا منادي، الرئيس السابق للجنة التعليم والبحث في البرلمان، أن متوسط المعدل التراكمي للطلاب الإيرانيين انخفض إلى 11.5. كما انخفضت نسبة الطلاب من المدارس الحكومية الذين اجتازوا امتحان القبول بالجامعة الوطنية.
وفقًا لأحدث البيانات من امتحان القبول لعام 2024، جاء 7 بالمئة فقط من الطلاب المتفوقين من المدارس الحكومية، مع اثنين فقط من أفضل 30 طالبًا يرتادون المؤسسات العامة.
الانحدار في الأداء الأكاديمي، إلى جانب ارتفاع معدل التسرب، يؤكد الحاجة الملحة إلى إصلاح شامل في نظام التعليم الإيراني.