عجبتُ من بعض الذين يدعون إلى التضرّع والابتهال للخالق سبحانه، وهم في قرارة أنفسهم بعيدون عن مفهوم الدين والدنيا!
ومن أولئك الذين يقرأون الغيبيات، ويضحكون على ذقون الناس، ويدركون أنَّ لغة الدجل والكذب على عباد الله أكثر ما يهمهم ويغريهم، بمناسبة وبدون مناسبة، في الوقت الذي نعرف فيه أنَّ حبل الكذب قصير، وبرغم من كل ذلك هناك الكثير من عامّة الناس يلجأون إلى أمثال هؤلاء المشعوذين وقراء الطالع لحل مشاكلهم، وبكل رغبة، وهم يعرفون تماماً أنهم يحاولون اقتناصهم، و العمل على صيدهم والإيقاع في حبالهم، ومنه كثير!
**
وعجبت من بعض الذين يمارسون أعمالاً حرفية عادية جداً، ويفاخرون بخبراتهم وإمكانياتهم اللامحدودة في التغلّب على خصومهم في العمل، وبدون أدنى مقدرة على قيامهم بواجبهم حيال هذا العمل وقداسته، وهم هكذا يرمون الآخرين بنظرات خبيثة ومبطنة، يُراد منها فرض شخصيتهم، ومقدرتهم في واقع يتطلب من أمثال هؤلاء التعلّم أكثر فأكثر غير مدركين حقيقة ما يقومون به. من خلال التعلّم يمكن أن تتأتى المعرفة ويرافقها من ثم الإدراك الكامل لها.
إقرأ أيضاً: حلم العودة إلى وطن مفقود!
وكل ما يحاول هؤلاء هو العمل على إرضاء صاحب العمل بهدف تحسين وضعهم المادي ليس إلا في بلاد غريبة عنهم صاروا ينتمون لها، ولا يعرفون طريقاً آخر إلى الحياة إلا من خلال إبراز وجوههم الملونة "الخبيثة"، فضلً عن إبداء الرأي والنقاش في حديث لمجرد النقاش والحشرية البغيضة في أحوال وأمور لا يعرفون عنها شيئاً.. وما هي في الواقع سوى تراتيل عن واقع يحتضر!
**
وعجبت من شخص يرمي الناس بسهام ثاقبة قد تصيب في بعضها، وفي بعضها الآخر قد تكون قاتلة، لدرجة أنّه لا يمكن بمقدورك أن تفعل شيئاً حياله رغم معرفتك بأنه يريد أن يحط من قدرك، ما يضطرك إلى الامتثال لكل ما يقوله، وفي نهاية المطاف يصوّر لك حالات هي أشبه ما تكون إلى عدم الرضا، والفجوة التي يحدثها تظل بعيدة عن مفهوم العلاقات الإنسانية الوجدانية.
**
وتعجبت أكثر فأكثر من أحد مدّعي المهنية في مجال عمله، وهو في الواقع يحاول أن يكون أكبر من حجمه من خلال ما ينشر من بوستات، وما يدبّج من مقالات، معلناً، بكل "وقاحة" على الملأ، أنّه الكاتب الأوحد، والمثقف المفوّض المدافع عن البسطاء من الناس، ويكتب بطريقة فجّة تخلو من الصياغة الصحفية التي يعرفها ويتذوقها عامّة الناس. والأنكى من ذلك أنّه يوبّخ الناس، ويقلل من أهميتهم... يزدريهم ويوصمهم بعبارات سخيفة وحاقدة، ناهيك بما يحمله مشروعه النفيس من اسقاطات ووخزات لها أوّل وليس لها آخر.. مدعياً الدفاع عن أشخاص بعينهم وومتهناً أسلوباً فيه من التسويف والخداع ما يكفي، أضف إلى أنه طالما يعيد ويكرّر في خطابه وفي جمله ماسحاً كل من عرفهم، أو من التقى بهم وعمل معهم بالهزء والسخرية!