: آخر تحديث
تعافى سريعًا من الجائحة ومشكلات التوريد والزلزال

المغرب أرض الفرص الاستثمارية القطاعية

31
33
30
مواضيع ذات صلة

إيلاف: بالرغم من الجائحة، ومشكلات سلاسل التموين والجفاف وارتفاع مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية ونسب التضخم، وانتهاءً بكارثة الزلزال التي نزلت بالمغرب في 8 سبتمبر (أيلول) الماضي، من المتوقع أن يتسارع نمو الاقتصاد المغربي إلى 3.1 في المئة في عام 2023. 

هذا ما أشاد به خبراء الاقتصاد المشاركين في الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في مراكش، الذين ركزوا على ما سموه "النهج الحكيم" الذي انتهجه البنك المركزي المغربي في السياسة النقدية. كما اشادوا بحزمة المشاريع الاستثمارية غير المسبوقة التي صادقت عليها لجنة الاستثمارات في المغرب في مايو الماضي، تصل قيمتها إلى نحو 7.5 مليارات دولار، "تضم 21 اتفاقية وملحقاً لمشاريع استثمارية، ستمكن من خلق 5728 وظيفة مباشرة و14707 وظائف غير مباشرة، إضافة إلى 6 مشاريع منحتها اللجنة الطابع الاستراتيجي، متوقع أن تخلق 13260 وظيفة مباشرة و33150 غير مباشرة".

حزمة المشاريع الاستثمارية الجديدة المصادق عليها لا تهمل أي من القطاعات الإنتاجية، إلا أن قطاع الصناعة يستأثر بحصة الأسد منها، إذ يحظى بنسبة 70 في المئة من إجمالي الاستثمارات المرصودة، يليه مشروع تحلية مياه البحر (14 في المئة)، ومشاريع الطاقة المستدامة (4 في المئة).

استثمارات صناعية
لا شك في أن الاستثمارات تتدفق في العادة على قطاعات مزدهرة. ففي المغرب، تنمو صناعة السيارات حتى صارت درة هذا القطاع. وكان رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة المغربي، قد توقع في يوليو الماضي أن ترتفع صادرات المغرب من السيارات نحو 40 في المئة خلال عام 2023، وأن تصل إيرادات هذه الصادرات إلى نحو 13.8 مليار دولار.

المغرب اليوم هو ثاني أكبر مورد للمركبات ذات التكلفة المنخفضة في أسواق الاتحاد الأوروبي، ويسعى إلى زيادة نسبة المكونات المصنوعة في المغرب من 65 إلى 80 في المئة. وفي العام الماضي، على الرغم من انقطاع سلاسل التوريد خلال جائحة كوفيد، بلغ إنتاج المغرب من السيارات رقمًا قياسيًا، بلغ 465,000 سيارة، كما تنقل صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن شركة CEIC للبيانات. تهدف الحكومة المغربية إلى إنتاج نحو مليون سيارة سنويًا. وبحسب وزارة الصناعة المغربية، يؤمن قطاع تصنيع السيارات نحو 238 ألف فرصة عمل دائمة في نحو 260 مصنعًا، علمًا أن ثمة 60 مصنعًا جديدًا لصناعة السيارات قيد الإنشاء في أنحاء المغرب. 

الجدير بالذكر أن المغرب بدأ في سبتمبر 2022 تصنيع أول سيارة كهربائية لصالح شركة "رينو" الفرنسية بمصنع طنجة شمالي البلاد. وبدأ إنتاج هذه السيارة الكهربائية في الربع الأول من العام الجاري، بقدرة إنتاجية تصل إلى 17 ألف سيارة سنويًا، تضخّ في السوق الأوروبية.
 


مصنع لتجميع السيارات بالقنيطرة في المغرب

منسوجات منتعشة
في القطاع الصناعي نفسه، تنتعش صناعة المنسوجات المغربية بعد تراجع نسبي فرضته الجائحة. يقول تقرير أخير نشرته الشركة الدولية للتمويل (International Finance Corporation)، التابعة للبنك الدولي: "على الرغم من تاثير الجائحة في التصنيع والطلب العالميين، مثلت صناعة المنسوجات في المغرب 15 في المئة من الناتج المحلي الصناعي في عام 2021، و 11 في المئة من صادراته". وبحسب تقرير نشرته "فايننشال تايمز" البريطانية، تمثل صناعة الأزياء السريعة 52 في المئة من إنتاج المنسوجات في الأردن.

وتنقل الصحيفة عن مارتن ستون، الشريك في شركة زينوبيا إنتيليجنس، قوله: "إن قرب المغرب من جنوب أوروبا – وتحديدًا إسبانيا - ميزة هائلة، تمكنه من سرعة التوريد في صناعة الأزياء السريعة".
إلى ذلك، لا مفر من الاعتراف بما تقدمه صناعة المنسوجات المغربية من تكاليف عمالة تنافسية، وأوقات توريد قصيرة، ومرونة في تلبية الطلبات الصغيرة والمتوسطة.

أفق الإزدهار
الاستثمار في السياحة المغربية مفتوح على أفق الازدهار، إذ تساهم في توليد متوسط 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني. ويتوقع المغرب ارتفاع الاستثمارات في قطاعه السياحي إلى 1.4 مليار دولار سنوياً حتى عام 2026، وأن ترتفع أكثر بعد هذا العام، خصوصاً أن البلاد ستحتاج إلى منشآت رياضية وسياحية جديدة بعدما فازت المملكة المغربية باستضافة كأس العالم 2030.

وتهدف السلطات السياحية في المغرب إلى جذب نحو 17.5 مليون سائح بحلول عام 2026، و 26 مليون سائح بحلول عام 2030، وتحقيق نحو 11.5 مليار دولار من المداخيل بالعملة الصعبة، وخلق 80 ألف فرصة عمل مباشرة، و120 ألف فرصة عمل غير مباشرة. وقد رصدت الحكومة المغربية لهذه الاستراتيجية الجديدة (2023-2026) ميزانية تقدر بنحو 580 مليون دولار.

الاستثمارات مطلوبة لزيادة الطاقة الفندقية بنحو 40 ألف سرير بحلول عام 2026، ومعظمها في المدن الساحلية. من هذا المنطلق، أطلقت المملكة ميثاق الاستثمار لتقديم حوافز استثمارية تصل إلى 30 في المئة من حجم الاستثمار العام.

في هذا العام، ترصد المغرب نحو 30 في المئة من إنفاقها النقدي الرأسمالي لمشاريع السياحة تحفيزًا للمستثمرين الجدد. تدعم الوكالة المغربية لتنمية السياحة القطاع بتبني سياسات تهدف إلى تنويع أسواقها الرئيسية، بجذب الزوار من الدول الجديدة مثل الصين، بينما تستعيد ثقة الأسواق التقليدية، خصوصاً بعد جهود التعافي من تداعيات الزلزال الذي ضرب مراكش في 8 سبتمبر الماضي، خصوصأ أن مراكش منطقة جذب سياحي أساسي في أي خطة لإنماء السياحة المغربية.
 


نساء يفرزن وينظفن زهور الزعفران في تالوين بجنوب غرب المغرب

الزراعة واعدة
وربما تكون الزراعة القطاع الإنتاجي الأكثر حاجة للتدفقات الاستثمارية في المغرب، بعدما عانى هذا القطاع 
خمس سنوات عجاف، بسبب التغير المناخي بشكل خاص، ودخول المغرب عصر الندرة المائية. وبحسب ما كتبت هبة صالح في صحيفة "فايننشال تايمز"، تساهم الزراعة بنسبة 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في المغرب فقط، "لكن القطاع يمتلك تأثيرًا بارزاً في التوظيف والأداء الاقتصادي السنوي، الذي يتذبذب وفقًا لنسبة المتساقطات من الأمطار". 

تنقل صالح عن مسؤولين مغربيين قولهم أن 39 في المئة من القوى العاملة تعمل في الزراعة. ويقول نزار بركة، وزير الأشغال العمومية والمياه المغربي، لـ "فايننشال تايمز": "تاريخيًا، لم يعرف المغرب خمس سنوات متتالية من الجفاف، وكان تأثيره على مستويات المياه في السدود سلبيًا جدًا، حيث أن السدود مليئة بنسبة 26 في المئة فقط". لكن، في عام 2023، الذي شهد أمطارًا أفضل، توقع صندوق النقد الدولي أن يكون معدل النمو في المغرب 2.9 في المئة. 

مغرب مستدام
يضاعف المغرب استثماراته في الطاقة المستدامة ثلاثة أضعاف، لتصل إلى 1.4 مليار دولار سنويا بين عامي 2023 و2027، على أن ترتفع الاستثمارات في الطاقات المستدامة من نحو 400 مليون دولار) سنوياً بين عامي 2009 و2022، إلى استثمار سنوي يبلغ 1.4 مليار دولار بين عامي 2023 و2027، بحسب ما أعلنت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي في كلمة لها في يوم دراسي بمجلس النواب في يونيو الماضي، محوره إنتاج الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها.

أضافت بنعلي: "تمت برمجة إنجاز قرابة 1.3 غيغاواط سنويا خلال الفترة 2023- 2027 عوض 0.16 غيغاواط سنويا خلال الفترة 2009- 2022". وبحسبها، تم خلال 12 شهرًا الماضية الترخيص لمشاريع جديدة عدة، من مصادر الطاقة المستدامة بقدرة تناهز حوالي 1000 ميغاواط، وهي أكبر قدرة رخصتها الوزارة في تاريخها في عام واحد.

الهيدروجين الأخضر
وفي جلسة بعنوان "الهيدروجين الأخضر والطريق نحو كوب 28"، في إطار الدورة الثالثة للقمة العالمية للهيدروجين الأخضر وتطبيقاته التي انعقدت في مراكش في 19 سبتمبر الماضي، قالت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى المغرب، باتريسيا بيلار ليومبارت كوساك: "ليس من قبيل الصدفة أن يكون المغرب أول دولة طور معها الاتحاد الأوروبي شراكة خضراء، وهي شراكة أضحت الإطار السياسي للتعاون المتبادل حول القضايا الخضراء"، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي والمغرب وضعا خطة عمل طموحة لهذه الشراكة الخضراء في مجال الانتقال الطاقي والتكيف مع التغيرات المناخية وحماية البيئة، وتعزيز الاقتصادين الأخضر والأزرق.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد