ايلاف من لندن: ظهرت تقارير عديدة في صحف المال والأعمال، مثل وول ستريت جورنال، تحذر من عدم التفاؤل بشأن تجميد الإنتاج ورفع الأسعار بسبب بعض المواقف التي وصفت بأنها سلبية وغير مستعدة للتعاون في موضوع التجميد، حيث إن الوعود بزيادة الإنتاج من دول عدة تهدد عقد أي اتفاقية ملزمة، حسب التقارير.
في هذا الإطار، صرح الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" محمد باركيندو، "إنه لن يتم اتخاذ أي قرار في المفاوضات غير الرسمية بين أعضاء المنظمة في الجزائر في الأسبوع المقبل".
ملزم لعام واحد
وأخبر باركيندو وكالة الأنباء الجزائرية مساء السبت الماضي "إنه مجرد اجتماع غير رسمي، وهو ليس اجتماعًا لاتخاذ القرارات". لكنه أشار إلى أن أعضاء أوبك سيحاولون التوصل إلى إجماع في الرأي في الجزائر، ومن ثم سيعقدون اجتماعًا عاجلًا من أجل اتخاذ قرار فعلي في حال اتفق جميع الأعضاء.
وتناقش أوبك ومنتجون من خارجها، من بينهم روسيا، اتفاقًا لتحقيق الاستقرار في السوق، من خلال تثبيت الإنتاج على الأقل، لكن لم يتم بعد الكشف عن التفاصيل الرئيسة، مثل الإطار الزمني للاتفاق والمعيار الأساسي له، رغم التلميحات إلى أن يكون الاتفاق ملزمًا لعام واحد.
وقد نقلت وكالة الإعلام الروسية عن محمد باركيندو الأمين العام لأوبك قوله: "عام واحد.. نحن نتطلع إلى عام واحد". وحسب وكالات الأنباء تقول مصادر من أوبك إنه من المرجح أن نصل إلى توافق. لن يكون هناك قرار. القرار سيتم تأجيله حتى نجتمع في نوفمبر".
وإذا تم الإقرار به فسيكون أول إجراء يتخذ في سبيل معالجة مشكلة تخمة النفط العالمية، التي تسببت في انخفاض أسعار النفط من 114 دولاراً للبرميل في أواسط عام 2014 إلى أقل من 30 دولاراً في أوائل هذا العام.
ليبيا ترفض التجميد
فضلًا عن الموقف الإيراني المتزمت، والذي يرفض الحديث أو النقاش في موضوع التجميد، إلا بعد أن تستعيد إيران قدراتها الإنتاجية قبل فرض العقوبات عام 2012، والبالغة 4 ملايين برميل يوميًا، فقد اتخذت ليبيا موقفًا مشابهًا.
في هذا السياق، أعلن ممثل ليبيا في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، محمد عون، أن ليبيا لن تجمد إنتاجها من النفط حتى تصل إلى معدلاتها السابقة.
وأكد عون في تصريحات لـ"صحيفة وول ستريت جورنال"، أن طرابلس ستواصل إنتاجها من النفط الخام حتى تستعيد حصتها في السوق، وتصل إلى معدلات إنتاجها، البالغة نحو مليون و600 ألف برميل يوميًا.
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط قد أكدت أنها تستطيع رفع الإنتاج حتى 900 ألف برميل يوميًا مع نهاية العام. واستأنفت المؤسسة الوطنية تصدير الخام من موانئ الهلال النفطي في الأسبوع الماضي؛ فيما أعلنت شركات نفطية عدة استئناف عملية ضخ النفط من الحقول التي تشغلها إلى موانئ الزويتينة ورأس لانوف من جديد.
رسالة للمجتمعين
لكن الوضع الأمني المتدهور في ليبيا وتصاعد الخلافات بين شرق ليبيا وغربها ومعارضة ميليشيات في الشرق لحكومة طرابلس ستزيد من تعقيد المشهد النفطي الليبي. كما إن داعش لا تزال قادرة على استهداف المنشآت وتخريبها. الإنتاج الليبي الحالي لا يزيد على 300 ألف برميل يوميًا حسب تقديرات بلومبيرغ.
ويسيطر الجنرال خليفة حفتر قائد ما يسمى جيش ليبيا الوطني على بعض الموانئ وهو يعارض حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، ومما اذهل الأسواق هو أن حفتر قام بتسليم ادارة الموانئ الى المؤسسة الوطنية للنفط والمعترف بها من قبل طرابلس والأحزاب في شرق ليبيا وستحاول الشركة مواصلة الانتاج في الحقول النفطية غرب البلاد.
فضلًا عن الوضع الليبي المتأزم، فإن أعضاء أوبك الآخرين، مثل نيجيريا وفنزويلا والعراق وإيران، يسعون كلهم إلى زيادة الإنتاج النفطي وزيادة الصادرات، وهذه رسالة إلى المجتمعين في الجزائر خلال نهاية الأسبوع بأن هذه الدول سوف لا تقبل أي تجميد للإنتاج رغم أنها ستجني فائدة كبيرة من كبح جماح الإنتاج وإنعاش الأسعار. هذه المواقف ستهدد احتمالات نجاح محادثات الجزائر لاحقًا هذا الشهر.
لن يزيل التخمة
هناك اعتقاد سائد في صفوف خبراء النفط والمحللين وهو أن تجميد الإنتاج وحده لن يكون كافيًا للقضاء على التخمة في السوق. ويعتقد المنتجون أنهم إذا قاموا بتجميد الإنتاج سيتم وضع حد لهبوط الأسعار، ولكن الحقيقة القاسية هي أن هذا المخطط قد يفشل حسب تقديرات مجلة فوربس الاقتصادية، لأن التجميد لن يزيل التخمة من السوق النفطية، بل فقط يكسر الحالة القائمة، ولن يؤدي إلى عودة التوازن بين العرض والطلب، وعودة المداخيل النفطية إلى مستوياتها السابقة لروسيا ودول أوبك.
من الجدير بالذكر أن عجز ميزانية السعودية بلغ 100 مليار دولار تقريبًا عام 2015، ولكن روسيا تعاني أكثر من السعودية بسبب مشكلة انخفاض أسعار الغاز أيضًا والعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا بسبب ضمها القرم عام 2014.
ثمة سبب آخر هو أن التجميد قد لا يكون مثمرًا، والسبب أن روسيا والسعودية وأعضاء أوبك كلهم ينتجون أقصى ما يمكن إنتاجه حرصًا على حماية حصصهم في السوق الأوروبية والآسيوية، وتجميد الإنتاج على هذه المستويات الضخمة سيكون أمرًا خطيرًا.
الحل الأمثل
وقد ارتفعت صادرات النفط السعودية في يوليو الماضي إلى مستويات قياسية، حيث بلغت حسب وكالة رويترز 7.622 ملايين برميل يوميًا مقارنة مع 7.46 ملايين برميل يوميًا في يونيو.
وتبقى السعودية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم على مستويات الإنتاج مرتفعة منذ منتصف 2014، رغم تخمة المعروض العالمي.
يرى بعض المحللين أنه للخروج من مأزق الأسعار المتدنية والإنتاج المفرط يجب أن تتبنى السعودية وروسيا أيضًا نقطة السعر الكافية لتحقيق إيراد معقول يعالج مشاكلهما الاقتصادية، وفي الوقت عينه لا تجذب المنتجين الهامشيين مثل منتجي الزيت الصخري، ولكن يعترف المحللون أن تحقيق ذلك صعب للغاية.
ويصبو أعضاء أوبك إلى تحقيق نطاق سعري يتراوح ما بين 55 و60 دولاراً للبرميل، علمًا أن أسعار النفط الخام الأميركي هبط إلى 43 دولاراً في الولايات المتحدة، وهبط سعر مزيج برنت الأوروبي إلى 45 دولاراً في أوائل هذا الأسبوع.