: آخر تحديث

نحن لا نُفسّر الزمن… نحن نتهيأ لكسره

12
13
7

حين نتحدث عن التلاعب بالزمن، يتبادر إلى الذهن فوراً الخيال العلمي، الحلقات التلفزيونية الملتوية، الأبواب الخفية إلى الماضي، أو صراخ المستقبل القادم نحونا بلا إذن.

لكن ما يحدث اليوم في مختبرات العالم السرية ليس سينما… بل علم يتكلم بلغة الخطر، ولغة الاحتمال. نحن لا ندرس الزمن لنفهمه، نحن نطوّعه ليخضع، إننا نتهيأ، ولأول مرة، لكسر العمود الفقري للواقع: خط الزمن ذاته.

في أماكن غير معلنة، يتم اختبار ما يسمى بـ "نماذج الانزياح الزمني المحدد" (Time Displacement Modules)، وهي نماذج حاسوبية مدعومة بذكاء اصطناعي كوانتي، قادرة على توقع التغيرات الزمنية عند التلاعب بالمعلومات لا بالجزيئات، ما يعني ببساطة أن الإنسان لا يحتاج إلى آلة ضخمة للعودة إلى الماضي، بل إلى مفتاح حسابي يستطيع تغيير الماضي بمعالجة معطياته في الحاضر.

هل يبدو هذا جنونياً؟ حسناً، ماذا لو عرفت أن شركة أميركية خاصة تحت غطاء (مشروع حافظات الذاكرة الموازية) قد طورت بالفعل جهازاً قادراً على بناء نسخ متعددة من الأحداث، ثم مقارنة نتائجها لخلق (النتيجة الأفضل) في الواقع؟ النتيجة الأفضل لمن؟ هذا هو السؤال الذي لا يريد أحد الإجابة عنه.

الفكرة لم تعد نظرية. تجارب الفيزياء الكمية في النظام الزمني المغلق (Closed Timelike Curves) أثبتت أن الجسيمات يمكنها تبادل المعلومات مع نسخ منها في المستقبل، بل وهناك تجربة في 2022 أجرتها جامعة بريستول في المملكة المتحدة بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تم فيها نقل (معلومة كمية) من لحظة لاحقة إلى لحظة سابقة بنجاح، ما يعني أن المعلومة خالفت السهم الزمني وانتقلت عكس اتجاه الزمن المعروف.

لماذا هذه التجارب خطيرة؟ لأنك لا تحرك كائناً من نقطة إلى أخرى، بل تعيد كتابة قواعد السببية، فالعالم كما نعرفه قائم على تسلسل: السبب أول، والنتيجة لاحقة. لكن ماذا لو أمكنك أن تُرسل النتيجة قبل السبب؟ ماذا لو وُجدت نتيجة لا يمكن تفسيرها لأنها قادمة من نسخة مستقبلية محذوفة من الواقع؟

الفوضى الزمنية ليست لعبة. لأن من يملك مفتاح التلاعب بالزمن يملك كل شيء: المال، القوة، الإعلام، الحرب، والمصير.

تخيل أن دولة ما تطور نظاماً يستطيع تعديل الأحداث الماضية رقمياً بحيث يُعاد تشكيل الوعي الجمعي لشعبٍ بأكمله. ليست هذه خيالات. بل أبحاث فعلية تُموّل بمليارات الدولارات في مشاريع (الذاكرة التنبؤية الاصطناعية)، وهي محاولة لبناء بنوك بيانات لا تحاكي الماضي فقط، بل (تصححه) وفق أهداف معينة.

في الصين، مشروع جسر الزمكان (Spacetime Bridge Project) يعمل على دمج الذكاء الاصطناعي الكوانتي مع محاكاة التاريخ. يتم إنشاء سيناريوهات تاريخية كاملة عبر نماذج GPT-9 المعدلة، ثم تجريب تأثيرها على مجموعات اختبار. الهدف؟ التلاعب بالسرد الزمني الجماعي بما يخدم مستقبل الدولة الاستراتيجي.

في روسيا، تقارير استخباراتية سُرّبت في 2024 تحدثت عن استخدام تقنيات المجال الزمني المطوي (Folded Temporal Field) في أنظمة التوجيه الصاروخي. النظام لا يتنبأ فقط بمكان الهدف، بل يبني احتمالات حركته قبل أن يتحرك فعلياً، عبر محاكاة سابقة زمنية تعيد تشكيل موقع العدو قبل أن يصل.

لكن الأخطر ليس في التوجيه أو المحاكاة. بل في فهم أن اللحظة لم تعد لحظة. وأن ما تعيشه الآن قد لا يكون الآن فعلاً…؟

لأن أجهزة الطيف الزمني الاصطناعي التي تعمل عليها شركة خاصة تدعى (ChronoCore) في سويسرا، تزعم قدرتها على إدخال وعي الإنسان في فقاعة زمنية بطيئة، بحيث يعيش الدقيقة الواحدة كما لو كانت ساعة، أو العكس. التحكم بالإدراك الزمني يعني حرفياً: تصنيع الوقت.

ماذا عن المستقبل؟ من يملك التلاعب بالزمن لن يكتفي بتعديل إدراكنا للحاضر، بل سيعيد برمجة الـ"ما كان"، والـ"ما سيكون".

مستقبل الإنسان في ظل هذه التكنولوجيا يشبه لعبة شطرنج بلا قواعد. لأن القطع تتحرك قبل أن تلعب، والتاريخ يُعاد كتابته في الخلفية، والنتائج لم تعد مرهونة بالقرارات، بل بالإصدارات المعدّلة من الخط الزمني.

الدكتاتور القادم لن يحتاج إلى السجون. بل سيصمم زمناً بلا خصوم. سيزرع ذاكرة قومية خالية من المعارضين. وسيتحكم بالوعي الجمعي من خلال محرّك زمني خارق قادر على تعديل التسلسل السببي لأي حدث مهدد.

حتى الموت قد يصبح نتيجة زمنية قابلة للإرجاء أو التسريع. الشركات البيوتقنية تعمل على مزامنة العمليات الحيوية للإنسان مع المجال الزمني الخاص، بما يعني أن الأغنياء سيعيشون في وقت أبطأ من الفقراء. ليس على مستوى الفلسفة، بل على مستوى الجينات. فكر بالأمر: يمكنك أن تشتري بطء الزمن وتعيش أكثر. ماذا سيحدث إن حصل ذلك؟

هل يمكننا إيقاف هذا الجنون؟ أم أننا تجاوزنا النقطة التي لا عودة منها؟

لا أحد يعرف، لأن من يملك قدرة تعديل الزمن… لا يملك سبباً لإخبارك أنه فعل. وما نراه كـ (حاضر) قد يكون إصداراً معدّلاً من الماضي، نُسج بإتقان ليبدو عادياً….

ختاماً… نحن نواجه لحظة كونية فاصلة: إما أن نحترم الزمن كصديق قديم، أو نكسره ونصبح عبيده إلى الأبد. التلاعب بالزمن لم يعد فرضية. إنه مشروع قائم… بصيغة: هل استخدمه أحد علينا بالفعل؟

وإن كنت تظن أن لا أحد يجرؤ… راجع هذه اللحظة.

هل هي فعلاً كما حدثت؟ أم كما أراد لها أحدهم أن تُروى؟


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.