: آخر تحديث

ترامب في السعودية... لنجعل العالم أكثر أمناً

12
10
9

يأتي الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الثلاثاء 13 أيار (مايو) 2025 إلى الرياض، في أول زيارة خارجية له منذ توليه الرئاسة، وأمامه ملفات دولية وإقليمية مهمة أراد أن يعلن بخصوصها قرارات تاريخية يرتبط موعد إعلانها بهذه الزيارة تحديداً.

فمن ملف قضية الشرق الأوسط، إلى النووي الإيراني، إلى الحرب الروسية الأوكرانية، إلى الصراع بين الهند وباكستان، إلى سياسات التحالف الاستراتيجي بين المملكة وأميركا من جهة، وبين المملكة والخليج من جهة ثانية؛ كل هذه الملفات تنتظر اليوم في الرياض قرارات تاريخية بصدد الكثير منها.

وفي تقديرنا أنَّ المواقف التي فاجأ بها ترامب العالم خلال الأيام القليلة الماضية، سواءً في تصريحاته حول حرب غزة ووصفها بالحرب الوحشة، أو مواقف المرونة والتفهم التي أبدتها الإدارة الأميركية خلال مراحل التفاوض مع الإيرانيين في الجولات الأربع الماضية، وإيثار ترامب للحل السلمي مع إيران، وكذلك السعي الحثيث للإدارة الأميركية مع حلفائها لتذليل عقبات خيار السلام بين روسيا وأوكرانيا؛ كلها مواقف تدل على عكس ما ظلت توحي به انطباعات سابقة لتصريحات ترامب التي ظن فيها بعض المراقبين ميلاً لخيارات ترجيح الصراع، خاصة في ملفي النووي الإيراني، وحرب غزة.

لكننا متى ما رجعنا إلى عناوين حملة ترامب الانتخابية التي وعد العالم فيها بإنهاء الحروب رغبةً منه إلى نيل جائزة نوبل للسلام، سنجد أن ما يعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم من مواقف هو الأرجح في الدلالة على مواقفه الحقيقية.

لهذا لن يكون اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترامب للعاصمة السعودية الرياض كأول محطة لزيارته الخارجية، مجرد زيارة عابرة، بل هي زيارة تاريخية بكل ما تعنيه الكلمة.

فالمملكة العربية السعودية اليوم أصبحت مركزاً إقليمياً ودولياً للمساهمة في صناعة المبادرات السلمية في العالم. وهي استراتيجية لا تستهدف منها المملكة كسباً إعلامياً – كما يتوهم البعض – بل هي استراتيجية تأتي في صلب الوعي الجديد لصناعة السياسات داخل مؤسسة القرار في الخارجية السعودية.

ذلك أنَّ الإدراك القائم على أن أيّ حلول لمشكلات عالم اليوم، التي ترتبط ببعضها البعض على نحو عضوي؛ يستدعي الانتباه إلى ذلك الترابط في صناعة الحلول؛ هو الموقف الاستراتيجي الصلب الذي تصدر عنه المملكة العربية السعودية في مقارباتها لعمليات المساهمة في بناء السلام.

وكل من يتابع التحركات الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية يدرك تماماً حقيقة ذلك الاتجاه. فمثلاً، قبيل إعلان اتفاق وقف الحرب بين الهند وباكستان، كان وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، قد زار الهند وباكستان في الفترة من 8 و9 أيار (مايو) 2025، في إطار مساعي المملكة للتهدئة ووقف التصعيد وإنهاء المواجهات العسكرية الجارية. إذ أكد وزير الخارجية الباكستاني، إسحاق دار، أهمية الدور الحيوي للمملكة العربية السعودية في محادثات وقف النار مع الهند.

اليوم يدرك الرئيس الأميركي دونالد ترامب تماماً مركزية المملكة العربية السعودية في صناعة الحلول الاستراتيجية للعديد من مشكلات الشرق الأوسط، ولاسيما ملفي النووي الإيراني والقضية الفلسطينية. لهذا جاء ترامب إلى الرياض للمساهمة الفعالة في تنشيط تلك الحلول وإعطائها الزخم المطلوب للتقدم الإيجابي.

منذ عامين، تشهد منطقة الشرق الأوسط تغيرات جيوسياسية مهمة، وهي متغيرات تعكس بوضوح اليوم أن الشرق الأوسط أمام فرص جديدة لصناعة السلام، بعد أن تم تحييد العديد من مراكز صناعة العنف والتوتر في المنطقة. وكان من آخرها الاتفاق الذي تم بموجبه وقف الضربات الأميركية في اليمن إثر إعلان الحوثيين التوقف عن زعزعة أمن الملاحة العالمية في البحر الأحمر.

إن تلك المتغيرات التي فتحت اليوم إمكانية لحلول السلام في منطقة الشرق الأوسط مفتاحها الحقيقي يكمن في الجهود التي تقدمها المملكة العربية السعودية بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية.

فقبل أكثر من شهر، بدا واضحاً أن الزيارة التاريخية لوزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى طهران هي زيارة استهدفت رسم متغيرات جوهرية جادة في توخي صناعة حقيقية للسلام في المنطقة من خلال رؤى جديدة. وكان الصدى الطيب العميق الذي خلفته تلك الزيارة في نفوس المسؤولين الإيرانيين مؤشراً كبيراً على نجاحها.

لهذا، يأتي ترامب اليوم إلى الرياض مستهدفاً استثمار نجاحات الدبلوماسية السعودية في صناعة السلام، وليمنح الجهود السعودية دعماً قوياً في الاتجاه الصحيح.

إن التكهن بالمخرجات السياسية الإيجابية لهذه الزيارة ستستند نتائجها المرتقبة بالضرورة على ثمرة الجهود السعودية الساعية لصناعة السلام في الشرق الأوسط والعالم. لهذا نحن نترقب مخرجات تاريخية لتلك الزيارة.

ذلك أن الإصرار على استراتيجيات صناعة السلم الإقليمي والدولي أصبح بالنسبة للمملكة العربية السعودية خياراً استثنائياً وحيداً للخروج من أزمات منطقة الشرق الأوسط، وهو خيار يلتقي مع ما أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية في جعل العالم أكثر أمناً.

وإذا صحت التسريبات الصحفية التي تفيد بحضور كلٍ من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، والرئيس السوري أحمد الشرع، والرئيس اللبناني جوزيف عون إلى الرياض للقاء الرئيس ترامب، بمبادرة من ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان؛ فإن ذلك سيعني تماماً ما ظلت تحرص عليه المملكة العربية السعودية من سعي جاد في الترتيب لجهود صناعة السلام في الشرق الأوسط، لاسيما وأن كلاً من سوريا ولبنان وفلسطين كانت مسرحاً لتلك المتغيرات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة في العامين السابقين.

إنَّ زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والعالم لهي فرصة كبيرة لصناعة السلام بفضل ما تتوفر عليه المملكة العربية السعودية من إمكانات كبيرة ونوايا صادقة في بذل كل محاولات الحلول الممكنة لصناعة السلم في الشرق الأوسط والعالم.

لكل ذلك؛ هناك فرصة عظيمة لجعل العالم أكثر أمناً بفضل تعاون الجهود الأميركية والسعودية انطلاقاً من المخرجات الراجحة لنتائج هذه الزيارة التاريخية إلى الرياض.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.