: آخر تحديث

قراءة في إيران وحلفائها العراقيين

5
4
4

الصراع بين إيران والمجموعات العراقية المختلفة هو موضوع شائك وسياسي للغاية. أود أن أحاول الحفاظ على موقف محايد في مناقشة هذه القضية. من وجهة نظري، يبدو أنَّ العلاقات بين إيران والحركات السياسية العراقية، بما في ذلك تيار الصدر، هي علاقات معقدة وديناميكية. هناك عوامل سياسية وأيديولوجية وإقليمية متداخلة تؤثر على هذه العلاقات. وبالتالي، من الصعب القول إن إيران تشكل، وحلفاؤها، "حاجزًا دائمًا" أمام تيار الصدر.

في النهاية، هذه مسألة سياسية معقدة تحتاج إلى تحليل متعمق من قبل خبراء في السياسة والشؤون الإقليمية. أنا لا أدعي أن لدي الخبرة الكافية للحكم على هذه القضية بشكل قاطع. أنا هنا للمساعدة في المجالات التي أستطيع المساعدة فيها بشكل موضوعي وبناء. أما عن المصالح الإقليمية والدولية المتضاربة التي تؤثر على العلاقات بين إيران والحركات السياسية العراقية، فهذه قضية معقدة تتأثر بالعديد من المصالح الإقليمية والدولية المتداخلة. سأحاول تقديم لمحة عامة موجزة عنها، فمن الناحية الإقليمية، تسعى إيران إلى توسيع نفوذها السياسي والاستراتيجي في العراق، باعتباره جارها المباشر. وهي تدعم الحركات السياسية العراقية الموالية لها، مثل حركة عصائب أهل الحق وبعض فصائل الحشد الشعبي. في المقابل، هناك دول إقليمية تسعى إلى الحد من نفوذ إيران في العراق وتدعم حركات سياسية أخرى، مثل تيار الصدر.

وعلى المستوى الدولي، تأتي مصالح القوى العظمى كالولايات المتحدة وروسيا وأوروبا أيضًا لتؤثر على التوازنات السياسية في العراق. فالولايات المتحدة تحاول الحد من النفوذ الإيراني، بينما روسيا وبعض الدول الأوروبية قد تكون أكثر تسامحًا تجاه ذلك.

على حد علمي بعض الدول الأوروبية قد تكون أكثر تسامحًا تجاه النفوذ الإيراني في العراق وهي على سبيل المثال لا الحصر، ألمانيا، فلطالما اعتمدت ألمانيا على سياسة تقارب مع إيران، وهي تفضل الحوار والانخراط بدلاً من المواجهة المباشرة. وقد عارضت بشدة الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي مع إيران. في حين أنَّ فرنسا، بالرغم من بعض الخلافات، تحاول المحافظة على علاقات مستقرة مع إيران. وهي قد تكون أكثر انفتاحًا على التوسط بين إيران والولايات المتحدة. تأتي بعد ذلك إيطاليا، التي شهدت العلاقات الاقتصادية بينها وإيران تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. وتبدو إيطاليا أكثر ميلاً للحفاظ على هذه العلاقات على الرغم من الضغوط الأميركية.

بالطبع، موقف هذه الدول قد يتغير مع تطور الأحداث والضغوط السياسية. ولكن في المجمل، فإنها تميل إلى اتباع نهج أكثر انفتاحًا وتسامحًا تجاه النفوذ الإيراني في المنطقة مقارنة ببعض حلفاء الولايات المتحدة الآخرين. في النهاية، هذه المصالح المتضاربة تشكل بيئة معقدة تؤثر على العلاقات بين إيران والحركات السياسية العراقية المختلفة. وهذا يجعل من الصعب الحكم على هذه القضية بشكل بسيط أو قاطع. 

علمًا أنَّ هناك عدة أسباب رئيسة وراء تسامح بعض الدول الأوروبية تجاه النفوذ الإيراني في العراق، مثال على ذلك المصالح الاقتصادية، فهناك العديد من الشركات الأوروبية لديها مصالح اقتصادية في إيران، ولا تريد إثارة التوترات التي قد تؤثر على هذه المصالح. فهناك اهتمام بالحفاظ على قنوات التجارة والاستثمار مع إيران. أما عن الاختلافات السياسية مع الولايات المتحدة، هناك بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا، لديها خلافات سياسية مع السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران. لذا فهي تميل إلى اتباع نهج أكثر استقلالية وانفتاحًا. اما من ناحية التوازن الإقليمي، فهناك قلق من بعض الدول الأوروبية من أن تؤدي المواجهة مع إيران إلى تصعيد التوترات في المنطقة. لذا قد يفضلون الحفاظ على بعض التواصل والتسامح للحفاظ على استقرار أوسع في الشرق الأوسط.

وأخيرًا هناك الحاجة إلى التوسط وتخفيف التوترات: دول مثل فرنسا قد ترى في دور الوسيط بين إيران والغرب فرصة للعب دور إيجابي في تخفيف التوترات الإقليمية. بالطبع، هذه ليست القوى الوحيدة المؤثرة. وقد تتغير هذه الديناميكيات مع الوقت. 

هناك عدة آثار محتملة لاستمرار التسامح الأوروبي تجاه النفوذ الإيراني في العراق. حيث تقوم إيران بتعزيز نفوذها في المنطقة، حيث أن استمرار هذا التسامح سيساعد في تمكين إيران من توسيع نفوذها السياسي والعسكري في العراق وربما في المنطقة ككل. هذا قد يزيد من النفوذ الإقليمي لإيران وقدرتها على التأثير على الأحداث. تقويض الأمن والاستقرار في العراق، من حيث ازدياد النفوذ الإيراني في العراق الذي قد يؤدي إلى تصاعد التوترات الطائفية والإقليمية داخل العراق، مما يهدد الأمن والاستقرار الداخلي للبلاد. أما عن الانقسامات الأوروبية، فهي تقوم على استمرار هذا التسامح الأوروبي الذي قد يزيد من الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي حول السياسة تجاه إيران والشرق الأوسط. وهذا قد يضعف الموقف الأوروبي المشترك تجاه القضايا الإقليمية. ولنتحدث عن تعزيز الشكوك الأمريكية، التي قد يُنظر إلى هذا التسامح الأوروبي على أنه تخلٍ عن الضغط على إيران، مما قد يزيد من الشكوك الأمريكية حول موثوقية الحلفاء الأوروبيين.

بالطبع، هذه ليست آثارًا مؤكدة ولا يمكن التنبؤ بها بدقة. ولكن هذه هي بعض المخاوف والاحتمالات الرئيسة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.