: آخر تحديث

حركة حماس: جثةٌ عارية والهوية مجهولة

11
12
6

لم تعد حركة حماس تمثل القضية، ولا حتى جزءًا منها. لقد تجاوزتها الأحداث، وسقط عنها القناع الذي طالما ادّعت أنه "المقاومة"، فلم يبقَ من جسدها السياسي سوى جثةٍ تتحرك بذاكرة قديمة، بلا مشروع وطني واضح، ولا هوية مستقلة يمكن تمييزها عن أهواء الخارج.

في بداياتها، استطاعت حماس أن تحشد الشارع الفلسطيني والعربي حول خطاب "المقاومة الإسلامية"، لكنّها ما لبثت أن تخلّت عن الرؤية التحررية لحساب أجندات إقليمية، أدخلت غزة في دوّامة من الحصار والدمار والفقر، دون أفقٍ سياسي، ولا حماية شعبية. تحوّلت إلى سلطة أمر واقع، تُحكم بالحديد والنار، وتحكم شعبًا مقهورًا، ثم تزجّه في المعارك عند الطلب.

المقاومة التي تُطلق دون حسابات، وتُدار بالشعارات، ولا تعبأ بثقل الكلفة البشرية، تفقد معناها الأخلاقي مهما كانت نواياها. وهذا ما وقعت فيه حماس: تفريط بالوطن، مقابل التمسك بالفصيل.

لا أحد اليوم قادر على تحديد هوية حماس بدقة.

هل هي حركة فلسطينية؟ أم ذراع إيراني؟ أم ورقة مساومة في مفاوضات لا تُعلن؟

تقول إنها إسلامية، بينما تتحالف مع أنظمة طائفية.

تقول إنها مقاومة، بينما تُجهِز على المعارضين في غزة، وتُخرس الأصوات الحرة.

تقول إنها تمثل الشعب الفلسطيني، بينما تتخذ قرارات مصيرية دون تفويض، وتُراكم العزلة باسم "الصمود".

إنها حركة فقدت المعنى، وتخلّت عن الثوابت، وارتدت عباءة الضحية لتُخفي سوء إدارة، وغياب مشروع، وارتهان للخارج.

غزة ليست حماس... ولا يجب أن تُختزل فيها.

غزة اليوم تعيش تحت قصفٍ مزدوج:

– قصف خارجي لا يفرّق بين مدني ومسلّح،

– وقصف داخلي يُمارس باسم المقاومة على من تبقّى من كرامة الناس.

وحين تصرّ حماس على احتكار صوت غزة، فهي في الحقيقة تصادر الوجع، وتسرق الرواية، وتُقايض الدم بالشرعية. لكن التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تنسى من باعها وهم البطولة ليتربّع على أنقاضها.

لم تعد حماس حركة تُخيف، ولا تنظيمًا يُراهن عليه.

هي اليوم جثة سياسية تجرّها لغة قديمة في عالمٍ تغيّر، عارية من المشروعية، تائهة في خطاب مكرور، بلا هوية، ولا مستقبل.

أما فلسطين، فباقية؛ لأنها أكبر من فصيل، وأعمق من بندقية، وأصدق من كل من خانها باسم الدفاع عنها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.