باريس : يمكن للأوكرانية ياروسلافا ماهوتشيخ أن تتوج أنجح عام في مسيرتها بالفوز بجائزة أفضل رياضية في العالم الأحد، لكن أمنيتها الرئيسية هي أن يسود السلام بلدها الممزق بالحرب.
عاشت الشابة البالغة من العمر 23 عامًا، عامًا "ممتعًا بالتنافس مع مواطنيها لمنحهم مشاعر إيجابية"، حيث أضاءت "مدينة النور" باريس في مناسبتين.
في تموز/يوليو، حطمت ماهوتشيخ، الفاتنة، الرقم القياسي العالمي الصامد منذ 37 عامًا بقفزة 2.10 م في ملعب شارليتي ثم بعد بضعة أسابيع توجت بطلة أولمبية.
قالت لوكالة فرانس برس من أوكرانيا الاثنين عبر منصة زووم: "ستظل باريس في قلبي طوال حياتي".
كانت هذه واحدة من اللحظات الممتعة عندما تأملت عودتها إلى منزلها في دنيبرو بعد نهاية الموسم ورؤية الدمار الذي حدث منذ أن شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغزو على بلادها في شباط/فبراير 2022.
قالت: "أرى المباني المتضررة والمباني المدمرة، أقول هذا وأريد البكاء".
واضافت "قبل أسابيع عدة ضربت الصواريخ مبنى على بعد 200 م فقط من منزلي. كان الأمر صاخبًا جدا! أنت تعلم أن شعبنا قوي جدًا لكنني أعيش هذا الأمل في أن ينتهي في أقرب وقت ممكن وبنصر".
هذه هي الظروف الحالية في أوكرانيا، كان على ماهوتشيخ أن تزن الجاذبية العاطفية للعودة إلى دنيبرو والمخاطر المرتبطة بها.
غادرت أوكرانيا بعد فترة وجيزة من الغزو، معترفة بأن ترك عائلتها وخاصة والدها، أوليكسي، كان أمرًا صعبًا جدا.
قالت "العودة إلى منزلي كانت سؤالًا كبيرًا، هل يمكنني أم لا، لأن صفارات الإنذار بسبب الغارات الجوية والهجمات الصاروخية كانت تدوي كل يوم".
وأوضحت "لكن هذا هو منزلي! إنه المكان الذي نشأت فيه وأريد العودة إلى منزلي وأهلي. لقد قضيت هنا حياتي كلها تقريبًا".
وتابعت "أنا في الثالثة والعشرين من عمري، وبالطبع يجب أن تكون هذه أفضل سنوات حياتي. لكن أولئك الذين هم في نفس عمري وأنا لا نستطيع الاستمتاع بحياة طبيعية. لا نستطيع الذهاب إلى السينما والاستمتاع بعرض كامل على سبيل المثال لأننا نعاني من صفارات إنذار الغارات الجوية ونضطر إلى الذهاب إلى مكان آمن".
"الطيران مثل السنونو"
ربما اضطرت ماهوتشيخ، بطلة العالم في الهواء الطلق، إلى التدريب في الخارج مثل العديد من زملائها الرياضيين، لكنها ساهمت في المجهود الحربي.
ساعدت في تمويل الكراسي المتحركة للأيتام المعوقين وتم توزيع أموال جائزتها من الألعاب الأولمبية على قطاعين آخرين.
قالت "لقد تبرعت بأموالي لجيشنا ومأوى للحيوانات".
أضافت ماهوتشيخ التي كانت في بداية المقابلة تداعب قطتها "بلاك": "أنا أحب الحيوانات، ومن المهم بالنسبة لي أن أساعدهم. بالطبع يمكن للناس أن يساعدوا بعضهم البعض، ولكن القطط لا تستطيع مساعدة القطط الأخرى، لذلك كان من المهم بالنسبة لي أن أتبرع بالمال".
كما زارت الجرحى في كييف ودنيبرو، وهي تحمل ميداليتها الذهبية.
قالت عن المشاهد التي شاهدها في زياراتها "من الصعب أن ترى"، مشيرة الى أنه "ومع ذلك، عندما أعود بميداليتي الذهبية، فإن ذلك يمنحهم بعض الذكريات الجميلة عن حياتنا وليس عن الحرب".
وأردفت قائلة "عندما تبدأ الحديث عن الحرب، ترى كيف تتغير وجوههم. أحاول ألا أقول شيئًا عن الحرب لأنني أعلم أنهم رأوا الكثير من الأشياء السيئة في الحرب. أحاول فقط أن أعطيهم الدافع والأمل".
ولكن على الجانب الإيجابي، تمكنت من إظهار كيف كان "اللقاء عاطفيا" مع والدها "الذي كان يؤمن بي دائمًا" بمشاهدتها وهي ترصع عنقها بالميدالية الذهبية.
لقد شاهد على الأقل إنجازها وهو ما لم يكن الحال بالنسبة لرقمها القياسي العالمي.
قالت مبتسمة "إنها قصة مضحكة، والدي لم ير الرقم القياسي العالمي لأنه اعتقد أنني أنهيت المسابقة بقفزي 2.07 م وانتهى البث المباشر. بعد ذلك اتصل به بعض الأصدقاء وقالوا له تهانينا على الرقم القياسي العالمي".
وأضافت "قال +رقم قياسي عالمي؟ لكنها قفزت 2.07 م؟، فقالوا له +لا، لقد قفزت 2.10 م+، فقال +يا إلهي لقد فاتني ذلك!+".
وبينما قالت إنها لم تكن تتوقع أن يتحقق الرقم القياسي العالمي بهذه السرعة، إلا أنها شعرت في صباح يوم المنافسة أن شيئًا رائعًا على وشك الحدوث.
أما عن شغفها بالوثب العالي، فقد توصلت إلى تشبيه مناسب بحيوان، وقالت "أنا مستعدة للطيران مثل السنونو".