: آخر تحديث

لبنان بعد السيطرة الإيرانية!!

47
46
37

هناك، ليس إعتقاداً وإنما قناعة راسخة متوارثة، بأن الشعب اللبناني يعيش وعلى مدى أكثر من نصف قرن حرباً والبعض يقول حروباً أهلية سببها الصراع بين واشنطن وطهران وحقيقة إذا كان هذا معقولاً وصحيحاً في السنوات الأخيرة فإنه لا معقولاً ولا صحيحاً في الفترات الأخيرة من هذا القرن الأخير ولا من القرن الذي سبقه فالصراع في هذا البلد لم يكن أميركيا – إيرانيا وحيث أنّ إيران نفسها في المرحلة الشاهنشاهية وما قبلها كانت تدور في الفلك الأميركي ورغم أنّ الإتحاد السوفياتي قد كانت له يداً طولى في هذه المنطقة!!. 

وحقيقة أنّ المعروف أن الحروب والصراعات في هذا البلد التي يمكن القول أنها بقيت تشبه الجمر إنْ تحت الرماد وإن فوقه لم يكن لها علاقة بأي مواجهة أميركية – إيرانية وأنّ صراعاتها كانت إنعكاسات للصراعات العربية – العربية في تلك الفترة كان التنافس فيها محتدماً بين العرب أنفسهم وبين الرئيس المصري جمال عبدالناصر وبعض قادة بعض الدول العربية. 

لقد كانت هناك، قبل الصراع الأميركي – الإيراني الذي لم يحتدم إلّا بعد الثورة الإيرانية في عام 1979، إنْ في عهد آيه الله الخميني أولاً وإنْ في عهد خامنئي لاحقاً، مواجهات فئوية وحروب بالإمكان وصفها بأنها "أهلية" بين القوى والأحزاب السياسية.. وأيضاً وبحدود معينة بين المجموعات المذهبية المتصارعة والتي كانت أغلبيتها ولا تزال من أتباع المذهب الشيعي الأثني عشري الذي كان مرتبطاً بشيعة العراق وبخاصة قبل أن يبرز ويظهر الإيراني.. آية الله العظمى روح الله الخميني.  

وإنّ هذا كله كان قبل أن يظهر حزب الله ولم يظهر بعد قائده حسن نصرالله وحيث أن الصراعات اللبنانية الداخلية والمذهبية كانت إنعكاساً للصراعات العربية – العربية ومع بعض التدخل الفرنسي في هذا الأمر في أحيان كثيرة وهذه مسائل قد كانت إبتلعتها التطورات اللاحقة وبخاصة بعد إحتدام المواجهات بين المقاومة الفلسطينية التي بعد رحيلها من الأردن باتت تتمركز وأصبح معظم وجودها العسكري في جنوبي لبنان وأيضاً في المخيمات الفلسطينية في العديد من المدن اللبنانية وبخاصة في مخيمات بيروت العاصمة.. وفي مخيمات طرابلس وصور وصيدا والبقاع.  

وهكذا فإن هذا البلد قد إختلط حابله بنابله كما يقال بعد أن إنتقلت المقاومة وعملياًّ كلها إلى لبنان ومدنه وقراه ومخيماته والمعروف هنا أنّ قادة هذه المقاومة الوافدة بعد خروج قرارات هذا البلد من أيدي أهله وأحزابه وقواه السياسية إلى أيديهم قد باتوا هم من يتحكمون به وبكل ما فيه.. وهذه مسألة كان قد تحدث الرئيس الراحل ياسر عرفات (أبوعمار) عنها لاحقاً.. وأدانها ووصفها بأنها كانت خطيئة كبيرة.  

والأخطر هنا أن الهيمنة الإيرانية اللاحقة قد كانت أشد وطأة وبما لا يقارن مع الهيمنة الفلسطينية فالإيرانيون قد إعتبروا أن هذا البلد بلدهم وأنه يشكل جزءاً لا يتجزأ من إيران وملحقاً بها.. وأنه ليس مثل العراق وسوريا وفقط لا بل أكثر كثيراً من هاتين الدولتين العربيتين والأخطر هنا أنّ هذا الإحتلال قد تبعه و"تلطىّ" به الإحتلال السوري وأنّ حزب الله بقيادة حسن نصرالله الذي دأب على التغني بتبعيته لدولة الولي الفقيه قد أعلن أن هذا البلد قد أصبح تابعاً لطهران.. وللولي الفقيه في "قم" وأن الهيمنة المطلقة فيه هي لحزب الله والمعروف أنّ هذا كله قد حول هذا البلد، أي لبنان، إلى دولة غائبة تماماً ولا وجود لها على الإطلاق!!. 

والأخطر في هذا المجال أنّ هذه الفترة التي سيطر فيها النظام السوري على لبنان بالإتفاق مع إيران قد شهد هذا البلد إغتيال عدد من كبار القادة اللبنانيين من بينهم رفيق الحريري وقبل ذلك كمال جنبلاط.. وبعد ذلك تفجير مرفأ بيروت وهذا كله قد أدى بعد الإنهيار السياسي إلى إنهيار مالي وإقتصادي وإجتماعي.. وكل شيء والمعروف أنّ إتفاق الطائف اللبناني – اللبناني الشهير قد أحبطه النظام السوري نكاية بالمملكة العربية السعودية وأنّ نظام بشار الأسد الذي ورث نظام والده حافظ الأسد بوصاية إيرانية قد بقي يسعى لتحويل حكم لبنان وبصورة كاملة إلى تابع له وعلى غرار ما هو واقع الحال في سوريا.. التي هي بدورها قد باتت السيطرة الحقيقية فيها لإيران ولدولة الولي الفقيه.  

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في