: آخر تحديث
من وَحي «السوشيل ميديا» (3)

لا الرجل مفعول به ولا المرأة فاعل!

55
51
47

كيف ولماذا! أداتا استفهام يُستفهم بواسطة الأولى عن الحال وبالثانية عن السبب. ومع اتساع الاستفهام لأدوات أخرى، إلاّ أنَّ هاتين الأداتين تكادان تحتلان الصّدارةَ في الاستخدام في «الفيديوهات» على المواقع المختلفة والتطبيقات.
 

مقاطع مرئية مسموعة، لا تزيد مدّتها عن دقائق معدودات، يكون المُرسل فيها مُرشدًا، أو ناصحًا، أو مُضيفًا مُحاورًا في مُحيط من المؤثرات البصرية والسمعية تساهمُ في إضفاء لمسة من الغموض والأهمية على هذه المقاطع ومحتواها!

والمحتوى سؤال قد يكون:« كيف تُسعد المرأة الرجل؟ كيف تُحافظ المرأة على الرجل؟ لماذا يرحل الرجل؟ كيف يمكن للمرأة أن تمنع الرجل من الرحيل؟ لماذا لا يكتفي الرجل باِمرأة واحدة؟» ... لا ننسَ «هلْ» من أدوات الاستفهام و«ماذا» في بعض الأسئلة كقولهم « هل يمكن للمرأة أن تجعل الرجل مخلصًا لها؟ أو ماذا تفعل ليغمضَ عينيه عن النساء؟»


السؤال عادة هو الخطوة الأولى التي يخطوها العقل نحو الفهم. في معالجة الإشكالية، يعود العقل خطوةً إلى الوراء، يؤطر المعطيات، يفهمها، يطرح الفرضيات، يبحث، يفتش، يحلل، يقارن، يناقش... ليصل إلى خلاصة تكون هي الزبدة، مقياسًا ومعيارًا يؤخذ به ويُحتذى. 
لكنّ السؤال متى انتقل من منطقة البحث للوصول إلى المعرفة وإرساء الحلول أو النماذج إلى منطقة «التفلسف» بغض النظر عن الأسباب الدافعة، يكون السؤال بصيغته وإجابته عاملَ قلقٍ، وهدمٍ، وتزييفٍ، واستبداد كهذه الأسئلة التي طُرحت بالـ« كيف ولماذا وهل وماذا».

المرأة والرجل كيانان بشريان، أي إنّ كمالهما محدود بحدود المادة التي ينتميان إليها، أمّا الكمال المطلق فهو لله وحده. وعليه، لا يمكن لكلّ النساء أنْ يكُنَّ ملائكة ومن المستحيل أنْ يكون كل الرجال شياطين! فكلٌّ منهما يحمل في داخله بعضًا من الشرِّ وبعضًا من الخير، ولذلك، فإنّ العلاقة ونجاحها بين هذين القطبين مرتبطة بقدرتهما معًا على الموازنة بين إنسانية كلٍّ منهما بما فيها من تمايز وتشابه واختلاف وتباعد والتقاء... في كل موضوع من مواضيع الحياة. وهنا تكمُن الإشكالية الكبرى لهذه الأسئلة!
 بصيغتها أو تركيبها، وإجاباتها، تُدخل هذه الأسئلة المسؤولية عند الفرد، والإرادة، والقدرة على اتخاذ القرار، ودوافع السلوك وغايته، وقيمة الإنسان ودوره والنسبية في فقاعة ضبابيّة؛ فلا الرجل مفعول به، ولا المرأة فاعل!
لا الرجل متفرّجٌ ولا المرأة غانية، لا الرجل مظلوم ولا المرأة ظالمة، لا الرجل محكوم ولا المرأة مقصلة مستبدة، لا الرجل بسيط ولا المرأة قاهرة!


لا هي قادرة على جعله يبقى إذا أراد الرحيل، فهو صاحب إرادة حُرّة، ولا هي قادرة على إسعاده أبدًا إذ أنَّ السعادة على الأرض نسبية، ولا هي قادرة على إحالته وفيًا إذا كانت الخيانة فيه فطرة، ولا هي قادرة على جذبه دهرًا لأنَّ الزمنَ محكوم بالتغيير... ولا هو صلصال ينتظر التشكيل... ولا هي المسؤولة عن كل فعل أو ردة فعل تصدر عنه أو اختيار. وإذا كان هذا واقع الحال، فهذا يعني أنَّه كائن غير قادر على التفكير والتقييم واتخاذ القرار، وهنا فحسب تسقطُ عنه المسؤولية بِاِنعدام القدرة، وتكتسب تلك الأسئلة مصداقية.

لا يرحل إلاّ مَنْ لَمْ يُرِدِ البقاء، ولا يحفظ الأمانة إلاّ مَنْ طُبِعَ على الوفاء، ولا يَسعد إلاّ مَن يعرف الرضا! 
«كيف ولماذا وهل وماذا؟» أسئلة عليها أنْ تهجر الإفراد والتأنيث إلى التثنية، وإجابات عليها أنْ تُدرِك أنَّ الرجل كما المرأة شريكان لا حاكم ومحكوم، صديقان لا سيّد ومسود، مسؤولان لا سائق ومَسوق...
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي