: آخر تحديث

ثورة جديدة تَتحضر في سوريا .

54
312
46
مواضيع ذات صلة

سَقطت جَميع الرهانات التي اعتمدَ عليها لاعبي الملف السوري، سَقطت معها التكهُنات والمؤامرات والمخططات الرامية لتمييع القضية وجعلها مشتتة ومتجهة في زاوية واحدة نحو عرش السلطة للخضوع والقبول، سادَ الاعتقاد لدى اصحاب الغرف السرية انهم نجحوا نوعا ما، سرعان ما ادركوا انهم كانوا على خطأ كبير ويراوحون في نقطة الصفر وان كل ما اكتسبوه هو فقط حفنة من المال وشعارات اعلامية تنتهي بمجرد اغلاق الفضاء الالكتروني او تغيير المحطة وعودة الانسان للواقع الحقيقي.

كما هو معلوم بقراءة المشهد السياسي السابق والحالي تَظهر الحقائق من تلقاءِ نفسها وتَظهر معها النتائج من خلال الوكلاء اصحاب الكُتل الحزبية الذين فَقدوا كل شيء واهم ما فقدوه هو العنصر البشري صاحب الولاء والتضحية، ظَل معهم عدد محدود من العنصر البشري الساعي خلف مصالحهِ الشخصية والذاتية البديلة للانتماء القومي سواء للقضية او للكرامة، وَصل الحال بتلكَ الكتل السياسية الى تحويلها لمؤسسات ماليه ورواتب تحت شعار ( قضية )، واثبتت الوقائع والاحداث بتسلسلها الزمني انهم حتى في الحفاظ على قدسية القضية اصبحوا جاهلين وجعلوا القضية سلعة لمن يدفع اكثر وانتهى الولاء، وَمن هنا كان مدخلهم في بَيع الاوهام للأطفال والشيوخ والنساء وغَسل عقول الشباب وتدمير المجتمعات وجعل الجميع في طابور الانتظار والاحلام والحَماس المصطنع، سَقطت اهدافهم واصبحوا هُم في طابور القِوى التي تُحركهم منتظرين ادوار جديدة متناسين بذات الوقت ان الشعب لم يعد ذاك الجمهور على مسرحهم وبات الشعب من ذاتهِ كُلاً على حدة ينتفض من داخلهِ للوقوف مجدداً ضد من باع مستقبل ابنائهِ وكرامتهِ .

لقد ادرك الانسان البسيط الذي عاش طوال هذه السنوات ان الوطن يبدا به وليس العكس، الأسرة هي المجتمع وليس العكس، الثورة هي ثورة العيش الهانئ والكرامة قبل ان تكون ثورة الاعلام والشعارات والكلمات والصور، ادرك الشعب في نهاية المطاف انه كان المدافع عن ارضهِ وليست اية سلطة اخرى او قوى خارجية، بدون الشعب لا قيمة لاية سلطة او كتلة سياسية او لأي قائد، والحقيقة المطلقة هي ان من حَكم الشعب طوال الازمة هي اربعة دول ومن خلفهم اسرائيل (امريكا . روسيا . تركيا . ايران) هذه الدول هي من تتواجد على الارض وتُحرك كل منطقة جغرافية حسب ما تقتضي مصالحها في دول اخرى.

ان الاحداث والتطورات والظروف الاقتصادية ومصادر هدرها جعلت البَحث في بُنية المجتمع الكردي بشكل خاص والعربي بشكل عام من ابسط ما يكون، تجد في هذه المجتمعات من شمال شرق سوريا وصولا للساحل الى الجنوب ان الشعب في مراحله الاخيرة من الانتفاض وتغيير المعادلة وقلب الاتفاقيات المؤقتة التي جرت على حسابه، ذاك الانتفاض الذاتي السلمي الذي ان بدا وان كان متأخرا سيكون ضد العبودية والاستفراد والفساد وضد من اعتلوا في ظل هذه السنوات من الحرب على اكتاف الابرياء، ثورة هي مغايرة تماما للمصطلح فهي ليست ثورة السلاح والموت، وانما النهوض لأجل الحياة والخروج من قبضة الوكلاء على الارض والتي بدأت من الفرد القائل: "لا للخوف والاضطهاد والفساد". لم تُعد تحتمل المجتمعات الهراء الاعلامي والصفقات والشعارات الرنانة واصحاب المصالح المدافعين عن اسيادهم مقابل المال، بات الشارع يُدرك ان عليه ان يدافع دون خلفيات ودون وجود من يستغل دفاعه، الانسان يقُتل جوعا وبالرصاص وبالاعتقال تحت الرايات، لقد بدأت بوادر ثورة الابرياء ضد الظُلم، نَهضة العزة ضد حيتان البشر، لم يعد يأبه الشارع للخوف، ستنتقل الثورة الجديدة الى كل المنطقة ودول الجوار لأنها ثورة الحق ضد الباطل، حين يتم تمييع كل شيء والاستحواذ على كل نقطة فذاك يدل بان تلك السلطة تاهت في طُرقات الضياع دون ان تدري، والسبيل الوحيد للحياة هو ان يشعر الفرد بانه انسان ويثبت انسانيتهُ من ذاتهِ ليس لأجل احد بل لأجل المستقبل لأنه يملك حق الاختيار ما بين العبودية والحرية ..

باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي