: آخر تحديث

أبوبكر والمحضار ولقاء أبوظبي

37
37
46
مواضيع ذات صلة

حفلة ليست كغيرها من الحفلات، جلسة طرب حضرمي فوق خشبة المسرح الوطني في أبوظبي قبل أكثر من 30 سنة، ذلك المسرح الذي أفتتح عام 1981 ويتسع لأكثر من 2200 مقعد، أما قطبي السهرة فكانا أبوبكر سالم وحسين المحضار.

قبل أن يبدأ العزف على عوده، يشكر ابوبكر المنظمين ليقول "هذا الترحاب الطيب اللّي لمسته من وصلت بيخليني أغني بلا جناح".

أكمل ابوبكر كلمته ليخبر الحاضرين الذين اكتظ بهم المسرح عن رفيق دربه فقال "حسين المحضار كان بالنسبة لي نقلة كبيرة، تميز بأسلوبه وخرج عن الشعر الوصفي، تشم في شعره ريحة تربة الأرض واللمسة الاجتماعية والحكمة، حسين مدرسة شعرية غنائية تختلف عن مدارس الشعر الحضرمية التي سبقته".

قبل ان يغني ابو أصيل "بشل حبك معي بلقيه زادي" يلقيها شعرا، ولكن المحضار كاتبها يغير أحد ابياتها وعوضا عن "بنلتقي في سعاد" يستبدلها بـ "بنلتقي في أبوظبي" حيث كانت الحفلة.

أشعار كثيرة كتبها المحضار ليغنيها أبوبكر، بعضها يكاد يكون لقطة سينمائية مصورة، ومثال على ذلك وليس حصرا يتجلى في "سر حبي فيك غامض" واحدة من أكثر الأغاني شهرة حين يغني "كل واحد مننا ماسك من السكة طرف … لا هدف لي فيك يظهر لي ولا لك شي هدف … وانتهى المشوار كله ما تلامسنا الكتوف".

أما الشك فلا يدعه المحضار يصل الى قلب من يحب لأن حبيبه هو الأفضل على الاطلاق، ويقول له مؤكدا:

يقول إنني فضلت غيره عليه
وغيره معي يطلع كما إليه
أنا ما نظر في الناس إلا إليه

السفر والرحيل والهجرة ليست سوى مرادفات للغربة، وغربة المحضار كانت محركاً لأشجانه ورافداً لإبداعه، ولم ينطفئ الأمل في شعره يوماً:

يا عين لا تذرفي الدمعة
ما دام لك في الأمل شمعة
واستبشري بالرجعة

عندما يقف المحضار على الأطلال فهو يتذكر ويبكي معاتباً:

أبكي على الأطلال
وأذكر وأعتبر
وش غير الأحوال

رسائل المحضار هي جزء من حياة الناس، فالصبر عنده ليس من الشيم فحسب بل هو من الطاعات، هكذا كتبها  في رائعة "يا زارعين العنب":

صبر ع الصبر ساعة
عسى بعد الصبر تشرب من الحالي
والصبر عند العرب طاعة
وبعد الصبر مضمونة

ما أجمل هذا التفاؤل بالصبر حين يجعله  قائله ضمانا للفرج.

وصلت كلمات المحضار الى القلوب لأن ثراء شعره مبني على بساطة الكلمة وعمق المعنى، أُنظر كيف يصور لهفته لحبيبه الذي ينسى بقربه كل الأسى:

امتى أنا أشوفك يا كامل وصوفك
متى متى قلي بتسمح ظروفك
أنسى أسى الدنيا من ساعة ما شوفك.
 

في سنة 2000 رحل حسين المحضار وبعدها بقرابة 20 عام رحل أبوبكر سالم، غابت الأجساد وخلد الفن.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي