: آخر تحديث

دهاء ابو مازن وانتخابات فلسطين

79
84
83
مواضيع ذات صلة

محمود عباس ابو مازن يثبت مرة تلو الاخرى انه سياسي محنك، يقوم بالخطوات الصحيحة في الوقت الملائم وبعد ان يعتقد الجميع ان القطار قد فاته وابتعد، مرسوم الانتخابات الذي اصدره الرئيس الفلسطيني مؤخرا هو اثبات على الدهاء والفطنة السياسية التي يتمتع بها ذلك الرئيس ابن ال 85 عاما.

مرسوم الانتخابات جعل الانتقادات والهجوم عليه من كل حدب وصوب تتلاشى بل وتختفي عن الساحة الفلسطينية في الداخل وفي الشتات، الفلسطينيون باتوا يتحدثون عن الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني وهكذا ابعد عنه وعن مكتبه هما ثقيلا وضرورة الرد هنا والتعقيب هناك ودحض الاتهامات بالتخوين والعمالة.
مرسوم الانتخابات اخرج معارضي عباس من مخابئهم ومن صمتهم، سواء كانوا من معارضي من الداخل الفتحاوي او من التنظيمات الاخرى وبدت الصورة واضحة لدى الجالس في مقاطعة رام الله، فقد بات الرئيس يعرف من كان يتملق ويظهر له الود وهو ينتظر رحيله لينقض على ما يتبقى من سلطة او مركزية فتح او تنفيذية منظمة التحرير، مرسوم الانتخابات كشف للرئيس عباس الخصوم قبل الاصدقاء يقول المقربون منه.

من جهة اخرى المصالحة بين فتح وحماس تمت بموافقته واطلاعه على التفاصيل كافة وبهندسته هو بالرغم من نسبها لهذا الشخص او ذاك فان كل تفصيل في المصالحة تم بعد ان وضع الرئيس بصماته ولمساته الاخيرة وحتى العودة للتنسيق الامني مع اسرائيل كان بحسب تعليماته ليثبت لإدارة بايدن صدق نواياه بإحلال السلام في المنطقة حتى وان كانت تلك الخطوة مستهجنة من قيادة فتح قبل حماس الا انها قوبلت بالرضا والتسليم في نهاية المطاف لدى حماس قبل الاخرين.

ابو مازن رجل عمل كل حياته في منظمة التحرير الفلسطينية وكان من المنظرين ومن مهندسي اتفاق اوسلو مع اسرائيل والذي عاد بالقضية الفلسطينية الى واجهة العالم واعاد منظمة التحرير ليس فقط لذهنية العالم بل الى بيتها الطبيعي في فلسطين وان كان في جزء من فلسطين فالاتفاق ذهب الى تبنى مقولة العدل الممكن لا ال المطلق من وجهة النظر الفلسطينية والعربية, ابو مازن يعمل الان على ترتيب البيت الفلسطيني بكب المناطق والاماكن ويأخذ بعين الاعتبار انقسام غزة عن الضفة الغربية الا انه يعلم يقينا ان حماس بأزمة كبيرة لا يخرجها منها الا الرئيس ومرسوم الانتخابات والقائمة المشتركة مع فتح. 

الرئيس الفلسطيني يعي تماما الخطر من جهة ترشح مروان البرغوثي الاسير في سجون اسرائيل والمحكوم خمس مؤبدات وأكثر، ويعرف تماما، كما يرى المراقبون عن كثب، ان حماس او بالأصح، جمهور حماس في غزة وفي الضفة سينتخبون مروان البرغوثي رئيسا للسلطة الفلسطينية. فللخروج من هذه العقدة اقترح الرئيس على البرغوثي كما يقول العارفون ببواطن الامور في رام الله، اقترح ان يترأس قائمة فتح حماس للمجلس التشريعي مع علمه اليقين ان البرغوثي سيرفض المقترح.

محمود عباس ابو مازن وبعد اجراء تعديلات وقيود على ترشيح قيادات فتح والمنظمة يستطيع في اي لحظة الغاء مرسوم انتخابات التشريعي او الرئاسة او الاثنين معا. الاسباب لذلك كثيرة ومتنوعة ويمكنها ان تكون مقبولة على الشارع الفلسطيني من مسألة تصويت سكان القدس الشرقية وزيادة اعدادهم ومعارضة اسرائيل لهذه الخطوة الى شح الميزانيات لإجراء انتخابات وحتى افتعال خلاف مع حماس على القائمة المشتركة انتهاء بالتذرع بجائحة كورونا وانعدام الامكانيات التقنية واللوجستية لدى السلطة لإجراء انتخابات نزيهة وحرة ومتساوية للجميع وهكذا يبقى رئيسا دون منازع الى بعد حين.

محمود عباس ذلك الكهل ابن ال 85 عاما يتمتع بذكاء قل مثيله في منطقتنا ويملك من التجارب ما لا يملكه اي زعيم في الغرب او الشرق او اي مكان اخر فمقارعة الراحل ياسر عرفات والصمود في وجه دهائه ومقارعة قيادات المنظمة في الداخل والخارج بالإضافة الى مفاوضة اسرائيل وكسب رضا الولايات المتحدة تجعل منه شخصا قل امثاله مع كل الانتقادات التي توجه اليه فلسطينيا وعربيا ودوليا، يبقى هو سيد هذه المرحلة في حياة القضية الفلسطينية.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي