: آخر تحديث

ثلاث صور والتحريض واحد

68
63
65
مواضيع ذات صلة

ثلاث صور استوقفتني مؤخرا وحاولت ان أجد الفروق بينها الا انني فشلت، وبالرغم من تباين وتباعد الاشخاص والمناطق والساحات الا ان المنطق الذي يسيرون حسبه هو واحد وان اختلفت مشاربهم ويعتبرون اعداء او يصورون أنفسهم اعداء لبعضهم، ان تمعنا في الصور وفي خطاب كل واحد من المسؤولين عن هذه الصور والاحداث لوجدنا تشابها مخيفا بل مثيرا للتساؤل.

الصورة الاولى هي صورة هؤلاء الذين اقتحموا الكونغرس الاميركي في تلة الكابيتول من اجل منع الاعلان عن جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة بعد ان فاز بالانتخابات وتفوق على الرئيس الحالي دونالد ترمب، هؤلاء اقتحموا الكونغرس بعد ان استمعوا الى خطاب الرئيس الحالي يحثهم عدم قبول نتيجة الانتخابات ويدعي انهم سرقوا النتيجة وزوروا الانتخابات وانهم سيأخذون اميركا العظيمة الى المجهول وانهم ليسوا اميركيين وانهم كذا وكذا الى ان انطلق هؤلاء الرعاع للعمل واستعادة الدولة والرئاسة, وللتذكير معظمهم كانوا من المتطرفين وفيهم من النازيين الجدد واخرين ممن يحلمون بالسيطرة على العالم وهناك منهم من سمع الله يطلب منه ذلك والقصص كثيرة الا ان النتيجة تظل واحدة, وهي محاولة انقلاب على الارادة الاميركية بتشجيع من الرئيس الحالي والذي انتخب ديموقراطيا قبل اربع سنوات.

الصورة الثانية هي صورة لراكبي دراجات نارية في جسر الرينغ في بيروت ابان الثورة اللبنانية التي اندلعت في تشرين اول العام 2019 وهؤلاء كانوا من أنصار حزب الله قدموا بأمر سيدهم لتفريق المتظاهرين اللبنانيين الذين ملأوا الساحات احتجاجا على الفساد والاوضاع الاقتصادية وادارة البلاد السيئة التي اوصلت لبنان الى الحضيض بعد ان كان سويسرا الشرق بحسب المتظاهرين. راكبي الدراجات الذين اوسعوا المتظاهرين ضربا وشتما واستعملوا الادوات الحادة والاسلحة النارية جاءوا وعاثوا في ساحة الشهداء وفي اماكن اخرى فسادا من اجل تفريق وقمع المتظاهرين، بعد خطابات لسيدهم، امين حزب الله حسن نصر الله، الذي وصف المتظاهرين بأنهم عملاء للخارج وعملاء السفارات بعدما طالبوا باستقالة الجميع ورددوا شعار "كلن يعني كلن" دون استثناء. امين حزب الله اللبناني بارع في الخطابات واستثارة المشاعر الطائفية والمذهبية وهو يعرف كيف يوجه صبيانه والبلطجية الى القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع لترهيبها وقد احتل هؤلاء في العام 2007 قناة الجديد التي يملكها سعد الحريري رئيس الحكومة المكلف ورئيسا سابقا لحكومتين في لبنان.

الصورة الثالثة هي لعناصر متطرفين من اليمين الاسرائيلي يهاجمون متظاهرين كل مساء سبت في مناطق مختلفة من اسرائيل ضد رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والذين يرفعون شعار "ارحل" وخلال الاسابيع الستة الاخيرة تتم مهاجمة المتظاهرين على يد متطرفين ومناصرين لبنيامين نتانياهو بصورة فظة بالدهس مرة وبالسكاكين تارة اخرى وبالهراوات والغاز المسيل للدموع ويقومون بذلك لانهم يسمعون بنيامين نتانياهو يصف المتظاهرين باليساريين الذين سيسلمون البلد للعرب ولأعداء اسرائيل ويصفهم بالخونة, ورعاع حزبه لا ينتظرون الاوامر المباشرة بل يعتبرون كلام سيدهم بمثابة توراة منزلة ويهاجمون المتظاهرين من اليهود تحديدا ويصفونهم بالخون والمخربين واصدقاء المخربين العرب والفلسطينيين كي يسوغوا لأفعالهم هذه تبريرا مقبولا على الذهنية اليهودية اليمينية, والتي بغالبها من الشرقيين اي اليهود العرب, والذين يغالون في اليمينية الى حد العنصرية الفاشية وكراهيتهم لليسار والعرب كبيرة جدا الى حد قيامهم بالاعتداء, ولن يكون ذلك اليوم بعيدا حين سيقتلون من يفكر بشكل مخالف لهم فلديهم المعلم الاكبر لهذا وهو بنيامين نتانياهو الذي كان يحرض على يتسحاك رابين لأنه صافح عرفات والجميع يعرف نهاية التحريض منه ومن غيره حينها فقد تم اغتيال رابين على يد يهودي شرقي متطرف عمل بحسب اقواله ما توجب عليه كي لا يستمر "الخائن" رابين في تسليم اجزاء من اسرائيل بحسب تعبيره للعرب والاعداء.

ثلاث صور من مناطق مختلفة ولقادة او من يسمون انفسهم قادة لثلاث فئات مختلفة تماما الا ان الخطاب التحريضي فهو واحد فترمب ونصر الله ونتانياهو يحكمهم منطق واحد وهو تجييش الرعاع والشارع واللعب على الوتر العاطفي, عرقي, قومي او مذهبي والاستمرار في الحكم او السيطرة او القيادة فمن يحرض على اليسار او الاخر او الديانة الاخرى لا بد يجد نتيجة ذلك في صور كما فصلت اعلاه ولن استغرب ان تصل الامور ابعد من ذلك لجهة القتل باسم هذا التحريض وكأن الامر عادي ومشروع فمسوغات هؤلاء جاهزة عرقية كانت ام قومية ام مذهبية والامثال كثيرة لا تعد ولا تحصى.

المطلوب عالميا نبذ هؤلاء وما يمثلونه من عنصرية وفوقية وخطاب الكراهية والتفرقة، مطلوب منا الوعي للقائد ولأفكاره ومطلوب الالتفاف حول من يوحد ولا يفرق حول من يؤمن بالتعددية الفكرية والمذهبية وحول من يقدم ويطور بلاده واهله وناسه ودعم من في بلده يعيش الجميع بوئام واحترام وكرامة بغض النظر عن دينه او عرقه او مذهبه، المطلوب منا الانتباه للمغرضين والمتاجرين بالدين اي دين او مذهب والمطلوب نبذ كل اشكال الكراهية والعنصرية مهما كان مصدرها ومهما بلغت قوة صانعها ومروجها.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي