: آخر تحديث

صحيح ما الحكمة؟!

3
3
3

حمد الحمد

أروي هذه الحكاية، ولا أعرف هل سمعتها أم قرأتها، وهي أنه في بداية القرن الماضي هناك شخص معروف في القاهرة، أراد دخول محكمة، فرأى صبياً رث الثياب يبيع أشياء بسيطة وظاهر عليه الفقر، راح يتحدث معه ووجده ذا منطق وأدب، وسأله عن اسمه فقال أنا فلان الفلاني، فقال باستغراب (وهل جدك فلان الفلاني الواسع الثراء؟)، قال (نعم) قال (كيف وصلت إلى حال كهذا، وجدك الشخصية المعروفة، رحمه الله؟!) قال (نعم أنا حفيده، ولكن والدي توفي قبل جدي لهذا لم نرث شيئاً من أملاكه وهذا وضعنا)، هنا قال (الله أكبر... لابد أن نعمل شيئاً) وراح يسعى الرجل في دوائر الحكم والقضاء حتى أقر تشريع (الوصية الواجبة)، حيث يرث أولاد الابن المتوفى قبل الجد.

والشيخ عبدالله السالم، وجد أن هناك مظالم في أحوال بعض الأسر عند وفاة الابن قبل الجد الثري ولا يرث الأحفاد، لهذا تتفرق الأسر إلى جزء أغنياء وجزء آخر محدود الحال والمال.

لهذا، الشيخ عبدالله السالم، في فترة الخمسينيات بحث عن مشورة لحل الإشكال الذي يؤرقه ووصل إلى تطبيق اجتهاد (الوصية الواجبة) الذي نفذ وحفظ ترابط الكثير من الأسر الكويتية، واعتمد التشريع من مجلس الأمة في منتصف السبعينات. وفي الكويت مثل شعبي شائع كان متداولاً وهو (اللي يموت أبوه قبل جده خله يلطم على خده).

اليوم، وأنا أقرأ صحفنا عرفت أن هناك تشريعات معدلة مقترحة في قانون الأحوال الشخصية منها إلغاء تشريع الوصية الواجبة لكونه يخالف التشريع الرباني، وأن الحل هو أن الأحفاد المتضررين عليهم الذهاب للجمعيات الخيرية لمساعدتهم! وما وجدت الجمعيات إلا لهذا الغرض!

إحدى الصحف قالت (ما الحكمة من إلغاء الوصية الواجبة؟)، حيث لم يتضرر أحد منها بل كان لها الكثير من الجوانب الإيجابية ومضت عليها عقود طويلة ساهمت في ترابط مجتمعي.

أمر آخر، أحوال البشر تغيرت فالأملاك إذا كانت في السابق بضعة دنانير وأغراضاً محدودة، الآن هي مبالغ طائلة في البنوك وعقارات وأسهم بالملايين، فلماذا يحرم منها الأحفاد؟ سؤال يحتاج تفسيراً.

أنا كتبت في هذا الموضوع ونشر في كتابي المعنون (بين الصلاتين... إعادة فهم وقراءة لفكرنا الديني والمجتمعي) الصادر عام 2014 م.

نامل أن يعاد النظر في ذلك البند المعروض على مجلس الوزراء حالياً وألا يقر حتى نتلافى مظالم كثيرة تصيب الأسر المترابطة وتفرقها.

صحيح ما الحكمة؟!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد