: آخر تحديث

تعَلَّم قبل أن تتكلم!

2
2
2

عبدالعزيز الكندري

نحن في دولة الكويت رغم صِغر المساحة، نعيش في جدالات في معظم الوقت وعلى كل شيء، نعيش صراعاً فكاهياً لدرجة أن البعض يريد أن يثبت وجهة نظره حتى وإن لم يكن من أهل الاختصاص ولم يقرأ أي شيء في الموضوع، تستطيع أن تقول إنه «خلاف من أجل الخلاف»، وبعض الأحيان تصل لدرجة المكابرة.

تجلس في الديوانية فيتحدثون عن أمر طبي تخصصي بحت، يتعلق بعمليات القسطرة أو الأمراض الدقيقة، والكل يتحدث عن العلاج وقد يكون كلامه خطأً لكنه يكابر، وفي المجلس ذاته يكون هناك استشاري قضى حياته في العلم والبحث في المرض نفسه الذي يتحدثونه عنه ولا يعطونه مجالاً وفرصة للحديث، وإذا تحدث وكان كلامه عكس ما قالوا قللوا من أهمية كلامه... وفي بعض الأحيان سفهوه، ودليلهم رسالة من الواتساب مجهولة المصدر تتحدث عن المرض وعلاجه، كيف يمكن لإنسان في كامل قواه العقلية يفكر ويصدق هذا الكلام!

وقبل أيام كانت هناك معارك طاحنة في وسائل التواصل الاجتماعي، بعضها عن التراث الشعبي، وآخر يشكك في الناس، وثالث يوزع الولاءات، ومن حق أي إنسان أن يتحدث ويقول وجهة نظره، ولكن قبل أن تتكلم يا ليتك تقرأ في المجال الذي تريد الحديث عنه، وقيل لعبدالملك بن مروان: لقد عجل إليك الشيب يا أمير المؤمنين، قال: شيّبني ارتقاء المنابر، وتوقع اللحن. لأنه من كتب وتحدث فهو يعرض عقله على الناس ويكشف نفسه.

وفي عالم التواصل الاجتماعي، حيث الكلمات لها تأثير كبير وربما سببت مشاكل وأثارت نعرات، من الضروري أن نتوقف قليلاً قبل أن نتكلم و«نفلتر» الكلمات قبل أن تخرج. ونتعلم كيف نختار الكلمات المناسبة ونعبر عن أفكارنا بفعالية. هذا لا يعني أن نقول كل ما يخطر على بالنا، بل يعني أن نفكر قبل أن نتكلم.

والاستماع الفعال جزء مهم من التواصل والفهم. وعندما نتكلم دون أن نستمع، قد نفقد الفرصة لفهم الآخرين وفهم أفكارهم وإن كانت مهمة. لذلك من المهم أن نتعلم كيف نستمع بفعالية ونفهم وجهات نظر الآخرين. هذا يساعدنا على بناء علاقات قوية وفعّالة تحترم نفسها.

ولا ننسى أن الكتابة هي أيضاً جزء مهم من التواصل الفعال وتعطي للقارىء عمقاً يفيده عندما يتحدث مع الآخرين. عندما نكتب، يجب أن نتعلم كيف نختار الكلمات المناسبة ونعبر عن أفكارنا بفعالية. هذا يساعدنا على التواصل بفعالية مع الآخرين وبناء علاقات قوية.

وكان د. غازي القصيبي، غالباً ما يقول بأن على الإنسان أن يتعلم قبل أن يتكلم، ويظهر ذلك من خلال أبياته الشعرية التي تطلب من الكلمة أن تقف وتفكر قبل أن تنطق، ومن خلال تأكيده على أهمية العلم والمعرفة كشرط لاتخاذ القرارات الصحيحة.

في إحدى قصائده، يخاطب القصيبي الكلمة قائلاً:

«قبل أن ترتعش الكلمة كالطير قفي!

وانظري أي غريب أي مجهول طواه معطفي».

هذه الأبيات تدعو إلى التوقف والتفكير والبحث عن أصل الكلمة قبل أن تُطلق.

لقد آن الأوان لكي نكون أكثر وعياً، وقبل أن نتكلم نحضر ونقرأ ونتعلم في الموضوع الذي نريد أن نتحدث فيه، ونترك سوالف شاي الضحى ورسائل الواتساب، خاصة التي تتعلق بصحة الإنسان، وعند الاختلاف لا داعي أن نشَهِّر بالآخر المخالف، وتذكر... يجب أن نتعلم قبل أن نتكلم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد