ثمة مثل عربي شعبي يقول: «الصراحة صابون القلوب». ويبدو أن هذا المثل، بصورة أو أخرى، كان حاضراً في اللقاء الذي كان بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وعمدة نيويورك الجديد زهران ممداني، عدو ترمب والترمبية الأشهر هذه الفترة.
في هذا الاجتماع الأول بين الرجلين، كان ما استوقف جي دي فانس، نائب ترمب، مشهداً وصفه بأنه لا ينسى على الإطلاق. إذ شارك على حسابه في «إكس»، السبت الماضي، فيديو لمراسل سأل ممداني عما «إذا كان لا يزال متمسكاً بتعليقه الذي وصف فيه ترمب بالفاشي».
وقبل أن يبادر العمدة الشاب إلى الإجابة، أنقذه ترمب، قائلاً له: «لا بأس، يمكنك فقط أن تقول نعم... هذا أسهل من شرحه».
نتذكر أن الشاب اليساري الديمقراطي، صاحب الأصول الهندية الذي جاء من أوغندا، كان قد اتهم ترمب بتبديد أموال البلاد على الأثرياء، منتقداً سياسته الاقتصادية وموقفه المعادي للمهاجرين... بينما وصفه ترمب بالشيوعي، محذراً من أن يجلب الخراب إلى نيويورك.
لكن نصيحة ترمب، الشيخ المتمرس في لعبة الكر والفر مع الصحافة وأسئلتها المحرجة، للشاب «الغض» سياسياً، زهران ممداني، نصيحة تصلح لكثير من الناس البارزين اليوم في مسارح السياسة والفن وغيرها.
قبل أيام ثارت الميديا الرياضية المصرية، وأيضاً السوشيال ميديا، على مدرب المنتخب المصري لكرة القدم، النجم الكروي حسام حسن، وتوأمه ومساعده الكابتن إبراهيم حسن، بسبب تصريحات غاضبة جداً من ناقديه، أو بالأحرى ناقدي عمله، وتوافقت النصائح على أن على المدير الفني للمنتخب المصري حسام حسن، الاقتصاد في كلامه وتصريحاته، حسبما نصح ترمب الشاب ممداني، بالجواب المختصر.
في أبيات منسوبة للإمام الشافعي قال:
لا خير في حَشوِ الكَلام/ إِذا اِهتَدَيتَ إِلى عُيونِهِ
وَالصَمتُ أَجمَلُ بِالفَتى/ من مَنطِقٍ في غَيرِ حينِهِ
وَعَلى الفَتى لِطِباعِهِ/ سِمَةٌ تَلوحُ عَلى جَبينِهِ.
المشكلة اليوم أن بضاعة الكلام صارت مطلوبة بقوة وبشراهة في أسواق السوشيال ميديا، وبعض شركات العلاقات العامة التي تدير شؤون بعض مشاهير السياسة والمجتمع تنصحهم ببعض الكلام والعبارات، وبعض هذه النصائح لو سلم منها المنصوح لكان أنفع له!
قل واختصر ولا تسهب... نصيحة ترمب للشاب ممداني، التي يعتبر ترمب نفسه أول مخالفي هذه النصيحة!

