وصول ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن، يسبقه شعورٌ أميركي بالرضا عما تم إعداده من اتفاقيات تعاون اقتصادية وعسكرية مع الجانب السعودي، الذي يمد يده للتعاون مع مختلف الأصدقاء.
يعكس هذا الرضا مدى الثقة السعودية، وقدرتها على تنويع الشراكات شرقاً وغرباً، مع حفظ علاقات الصداقة التاريخية، علاوة على فاعلية التأثير في المشهد العام، من ناحية الإسهام بدعم التغييرات الإقليمية ورفع العقوبات الدولية؛ سوريا مثالاً، ومواصلة مساعي إزالة العقبات المحلية، في لبنان واليمن، إضافة إلى الحرص المستمر على تهدئة التوتر الإقليمي بمبادرات واعية، وحَذرٍ يقِظ.
هذه المعطيات جميعها تُعزز مكانة السعودية التي تستقبل واشنطن وليَّ عهدها، ولا سيما أن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين متتابعة، منذ زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى أميركا ربيع عام 2018.
في غضون السنوات السبع الأخيرة، وقعت تطورات تنموية واقتصادية كبيرة داخل السعودية، وسط محيط مضطرب سياسياً وأمنياً، أوجبت استمرار لقاءات واتصالات التشاور حول المستجدات والتعاون فيها.
نتيجة تحولات رئاسية أميركية أثرت على علاقات واشنطن بكثير من دول العالم، اكتست العلاقات لبرهة سمة التحدي حتى اكتسحها التفاهم الودي.
اليوم، يُرحِّب البيت الأبيض بولي العهد السعودي -ووفده المرافق- بما تحمل يده من أوراق وملفات مهمة، ويملأ نفسه اعتزازٌ بعمق الدولة السعودية قبل نشوء دول صديقة، مع ما يتسم به من ذكاء طبيعي يُسَخِر تقنيات «الذكاء الاصطناعي»، وفق رؤى اقتصادية واضحة.
الزيارة تتجاوز «الرغبة في التكريم» -حسب إعلان الرئيس ترمب- وأبعد عن وَهْمٍ يُسوِّقه منكرو الواقع؛ إذ تجلب مصالح مشتركة ستتنامى معها العلاقة بما سيتمخض من نتائج ممكنة التنفيذ وواقعية الطموح؛ وكذا تماثل واقعية تقديرات الرياض للمشكلات المشتعِلة، وتقديم حلولٍ بديهية وضرورية، لاستقرار الأوطان وإخماد النيران.
ما دامت أوراق العمل لا تختلط مع تخيلات مستحيلة أو تشوبها مقترحات قابلة للتأجيل، لن يتعرض جوهر الصداقة للخطر حال اختلاف وجهات نظر الأصدقاء حول تفاصيل معينة.
سيد الصفقات والتصريحات المثيرة ترمب يُدرِك هذا جيداً؛ ولأنه يتباهى بتمايزه عن بعض أسلافه في البيت الأبيض، سيحافظ على صديقٍ مهم يراكم القوة بتطلعاته مثل ابن سلمان، فتصفو أجواء الصداقة بتغليب المصالح المشتركة مع بلد الحرمين الشريفين.
لا شك في أن المنطقة بأسرها تنتظر ما سينتج عن هذه الزيارة التاريخية، التي هي في صالح المنطقة واستقرارها وأمنها.

