محمد ناصر العطوان
عندما يطمع في نوبل للسلام «مجرم حرب»... ويأخذ الكرة الذهبية لاعب إعلانات... فنحن أمام أكبر أكذوبة سياسية في التاريخ.
جائزتان مختلفتان جداً، لكنهما تتشابهان في شيء واحد، وهو الوصف المضحك!
نوبل للسلام ليست بالضرورة للسلام!
الكرة الذهبية ليست بالضرورة لأفضل لاعب!
تعالوا نفكك الأكذوبة الكبيرة حول هذه الجوائز...
نوبل السلام تحوّلت من «مكافأة السلام» لـ«مكافأة السياسة». فحسب الشروط الأصلية، فإنّ ألفرد نوبل قال «تنتمي الجائزة لمن عمل أكثر أو أفضل من أجل الأخوة بين الأمم». لكن الواقع يشير إلى انها «تمنح لمن يخدم المصالح الغربية والرأسمالية بأفضل صورة»!
دعونا نأخذ بعض الأمثلة المضحكة، باراك أوباما 2009 نال الجائزة وهو يزيد عدد القوات الأميركية في أفغانستان! وهنري كيسنجر 1973 كان مخطط مجازر فيتنام، والاتحاد الأوروبي 2012 أخد الجائزة وهو يبيع أسلحة لكل الحروب! أما الإحصائية الصادمة فتتمثل في أن 70 % من الفائزين بنوبل السلام منذ 2000، لهم ارتباطات بقوى عسكرية أو استخباراتية.
أما الكرة الذهبية والتي تحوّلت من «أفضل لاعب» لـ«أفضل براند»، فقد تحولت معاييرها بشكل جذري، فلم تعد للمهارة، لكن لعدد المتابعين على «إنستغرام»! وليس للأهداف، لكن لقيمة عقود الإعلانات! وليس للمستوى، لكن للجنسية والديانة والانتماء لليغا الإسبانية!
إليك بعض الفضائح التفضيلية: ميسي 2021 فاز بالكرة الذهبية رغم خروج برشلونة من دوري الأبطال! مودريتش 2018 فاز رغم أن صلاح، كان الأفضل إحصائياً! بنزيمة 2022 أخدها بعد سنوات من التهميش لأنه لم يكن «وسيماً إعلامياً»! وحسب دراسة اقتصادية فإن اللاعب الذي لديه عقد مع شركة رياضية معينة، فرصته في الفوز أعلى 40 %!
إذاً عزيزي القارئ، نحن أمام معايير خفية تجمع بين السياسة والدعاية في الجائزتين، فنوبل للسلام تبحث عن ما إذا كان الفائز يعادي روسيا أو الصين، وما إذا كان يخدم المصالح الأميركية في منطقته، لدرجة أن الفائزة الفنزويلية بالجائزة الأخيرة، أهدتها لدونالد ترامب! والمعيار الثالث هو ما إذا كانت صورته الإعلامية «جذابة غربياً».
أما الكرة الذهبية فتبحث عن ما إذا كان اللاعب يلعب في نادي «مفضّل لدى الفيفا»، وما إذا كان وكيله لاعباً كبيراً في سوق الانتقالات، وما إذا كان مظهره يناسب الإعلانات التجارية!
ويبقى السؤال المهم وهو: لماذا مجرمو الحرب يطمعون في نوبل؟ لأنها غسيل سيرة ذاتية وتحويل صاحبها من مجرم حرب لـ«رجل سلام»! كذلك حصانة معنوية من النقد والمحاكمات المستقبلية، مكاسب مالية تأتي من المحاضرات والكتب بعد الجائزة والتي تكون بالملايين!
والسؤال الأكثر أهمية هو: لماذا لاعبو التسويق يطمعون في الكرة الذهبية؟
عزيزي القارئ، إن حصول اللاعب على الكرة الذهبية يعني زيادة القيمة السوقية له حيث يزيد سعره 50 % بعد الجائزة! كذلك عقود الإعلانات التي تنهال عليه من كل شركة تسعى للتوقيع مع «أفضل لاعب في العالم»! وأخيراً التأثير النفسي للخصوم الذين يشعرون بالهزيمة قبل المباراة!
من الحقائق المرعبة أن بعض اللاعبين يدفعون ملايين لوكالات علاقات عامة من أجل الترويج لهم عند مصوتي الجائزة.
لا شك إذاً أن هناك أوجه تشابه مضحكة بين الجائزتين، فنوبل السلام تمنح لـ«أقل مسبب حرب»، والكرة الذهبية تمنح لـ«أقل لاعب فاشل»... نوبل تتكون من لجنة من 5 أفراد نروجيين، والكرة الذهبية لجنة من صحافيين متحيزين.
الغرب دائماً أكثر الفائزين لنوبل، وأوروبا دائماً أكثر الفائزين بالكرة الذهبية!
الأولى تغسل صور الدم والثانية تغسل صور الهزائم!
في النهاية عزيزي القارئ، فإن الجوائز العالمية هي أكبر منصة لغسيل السمعة!
وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر... وكل ما لا يُراد به وجه الله... يضمحل.