سارة النومس
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، بخبر استشهاد الصحافي صالح الجعفراوي، ومنذ غيابه عن العالم يتم تداول مقاطع كثيرة له، كل مَنْ يراها يشعر بالسعادة، لابتسامته وكلماته وتفاؤله الدائم وحبه للناس. اعتقد أن هذا الشاب يستحق كتاباً يُنشر عن مسيرته وموته، وكيف أن الروح الفلسطينية، وإن كانت في عين الوحوش رخيصة، فهي غالية عند كل إنسان يحب أن يرى الطفولة والشباب يعيشون بسلام ويودّعون الحياة بأمان.
إذا سألت مجموعة من الناس عن أهدافهم في الحياة، سيقول عدد منهم، الوصول الى السعادة. يعتبر كثيرون أن السعادة ليست هدفاً، فهي شعور موقت، كما هو الحزن.
يدرس إنسان لكي يصل لهدف النجاح، وتأتي معه السعادة شعور موقت، وفي ما بعد عليه أن يختار في أي جامعة وكلية سيدرس. ويأتي العمل الجاد وخوض الاختبارات لكي ينجح حينها تكون السعادة محملة بثقل ذكريات التعب والجهد. يبحث الإنسان بعدها عن وظيفة جيدة وراتب مشرّف كي يحقق أهدافه، فما إن يصل لحلم الوظيفة حتى يجد عراقيل كثيرة أمامه منافسة زملاء، مسؤول قاس، بيئة سامّة وتعتمد على المكائد أكثر من الجهد والإبداع، هنا عليه أن يختار، إما الهرب لمكان أفضل أو الاستسلام والخضوع، أو أن يقاوم بالمثل، يختار تدبير المكائد لزملائه والتخلص منهم واحداً تلو الآخر، وعندما تخلو الساحة له يُكافأ على تميزه ويرتقي ليصل لمكانة أفضل وعلاوات لا تنتهي، يشعر حينها بالسعادة. تزوج من امرأة جميلة، تنسكب عليه السعادة كالماء البارد، وأكثر عندما يرى ولي عهده، وكلما كبر ذلك الطفل زادت مطالبه ورعايته، مشاعر ممزوجة بين السعادة والتعب.
يكبر الانسان ويودّع وظيفته التي لم تكن يوماً ملكاً له، وأخذ مكانه شخص آخر... أقاموا حفلاً بسيطاً، جاء الحضور كي يأكلوا من البوفيه اللذيذ، وما إن غابت الشمس حتى نسيه الناس. عاد لمنزله كي يعيش الحياة بعد التقاعد وكان قد خطّط مسبقاً، عنده مشاريع كثيرة يقوم بها كي لا يشعر بالعجز المادي يوماً، يعيش في منزل كبير مع زوجته ويزوره أحفاده كل أسبوع للاطمئنان عليه.
يسأل نفسه سؤالاً واحداً قبل نومه كل ليلة، «هل حقاً وصلت للسعادة التي كنت أطمح لها في طفولتي»؟
إن الوصول للسعادة أمر مستحيل بل إن الانسان الذي يكون سعيداً 24 ساعة في اليوم طوال حياته لا بد وأنه يعاني من أمراض نفسية. البعض من الشباب المنهزم يلجأ لأشياء ممنوعة كي يشعر بالسعادة، وما أن تذهب السكرة يعود الحزن. السعادة ليست هدفاً، هي شعور إيجابي يحتاجه الانسان لفترات معينة ومتفاوتة، لا عجب أن يذهب الانسان الى مسرحية أو «ستاند اب كوميدي» ليتجرع السعادة الموقتة التي ستنتهي بنهاية اليوم فقط.