: آخر تحديث

المعلومات المدنية... والبنتاغون!

2
2
1

حمد الحمد

حدث لي قبل يومين موقف عكّر مزاجي ليوم كامل، ودفعني لأن أكتب هذا المقال، وهو عن مبنى البنتاغون في هيئة المعلومات المدنية، وهو المبنى الخلفي للهيئة. كنت أراجع بمعاملة بسيطة جداً، وهي شطب أسماء مستأجرين. الموظفة وبعد تقليب الأوراق التي قدّمتها، قالت لي ان ارجع الموظفة الفلانية في دائرة أخرى، وتوجّهت إلى هناك وطلبت مقابلتها، لكن رجال الأمن من الإخوان العرب، وهم ستة، قالوا، الأمر ليس بهذه السهولة، هذه الموظفة أو المسؤولة أو الادارة، لا يدخل عليها أحد هكذا، إنما يفترض أن يتصل الأمن بها، وإذا رفعت الهاتف ممكن المراجع أن يتحدّث معها شخصياً.

قام موظف الأمن بالاتصال بها مرات عدة، لكن لا جواب، ومضى على الوقت ساعة إلا ربع الساعة، وأنا أمام رجال الأمن وهم في إحراج مني ومن مواطنين ومقيمين يقفون معي بانتظار أن يرد الهاتف ويأتي الفرَج.

وبعد مرور هذا الوقت الطويل والإهانة وإلحاح مني، ردّت على الهاتف وشرحتُ لها الموضوع... هنا سمحت أن أدخل مبنى البنتاغون، وتم منحي بطاقة ممغنطة لأدخل، ووصلت ووجدت شاباً أجرى المعاملة وانتهى الأمر.

ما أعنيه، أنا أتحدث عن موظفة، وليس مديرة ولا وزيرة، خلقت لإدارتها نظاماً خاصاً وهو عدم رغبتها بمواجهة المراجعين وجهاً لوجه، لماذا؟ لا أعرف. وأبواب هذه الإدارة مغلقة رغم أن كل موظف بهذه الإدارة يأخذ راتباً لخدمة الناس، لا إغلاق أبواب إدارته. كذلك هذه إدارة مدنية لا تتبع جهازاً أمنياً حساساً، أو نقول لديهم «كود» زر سلاح نووي، لا سمح الله.

أنا في حياتي العملية من مسؤول إلى مدير لفترة أكثر من عقدين من الزمان، لم تمر عليّ حالة أن موظفاً أو مديراً يرفض استقبال المراجعين ويجعل إدارته محرّمة على كل مراجع. وأنا طول عمري أتعمد أن يكون باب مكتبي مفتوحاً لخدمة الناس.

القيادة السياسية تحث دائماً المسؤولين على أن يفتحوا أبواب مكاتبهم لسماع شكاوى المواطنين، لكن هذه إدارة خلقت لها نظاماً خاصاً.

أمر آخر، رجال الأمن ليس من صميم عملهم القيام بإجراء مكالمات مع المسؤولين، ويستمعون لشكاوى الناس الخاصة... فعلاً الوضع غريب .

لكن أعتقد أننا على مشارف شبه انهيار إداري في معظم المؤسسات الحكومية والأجهزة التابعة، والسبب تقاعد الكثير من ذوي الخبرات، وتسلم الصف الثاني المسؤولية مع قلة خبرتهم، وهم في مراحل الشباب الأولى مزهوين بهكذا مناصب، لهذا خلقوا لهم أنظمة خاصة.

لهذا أرى أن تبحث إدارة هيئة المعلومات المدنية هذا الوضع وتصححه، كذلك على مستوى الدولة يجب أن يكون هناك رقابة على أداء كل مسؤول وأن يبحث الوضع على مستوى أعلى.

أنا لا أتحدث عن نفسي، إنما كان بجانبي العديد من المواطنين والمقيمين، يعيشون هكذا معاناة وإهانة، أحدهم محام، وقد بح صوته وهو يشتكي عبر الهاتف.

لكان خاب أملي نتيجة لذلك التأخير، حيث انتهى الدوام ولم أكمل معاملتي وعليّ العودة في يوم آخر. ليست قضية شخصية إنما أمر يهم كل مواطن ومقيم.

بوأحمد زميلنا في الديوان يردد لي دائماً وهو يتابع مقالاتي المثل الشعبي (يا مطوطي في جليب)، بمعنى مهما كتبت لن يستمع لصوتك أحد كأنك تصرخ في بئر!

لكن مع هذا أكتب، لعل وعسى.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد