: آخر تحديث

فرض السلام بالقوة!

2
2
2

خالد بن حمد المالك

قبل أن يصل الرئيس ترمب إلى أمريكا عائداً إليها من شرم الشيخ، بعد أن وقع وثيقة خطة السلام بحضور عالمي، وأعلن بأنه سوف يفرض السلام بالقوة إن لم يتم الالتزام بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ها هي إسرائيل لا تلتزم بما وافقت عليه بعد استلامها لرهائنها العشرين الأحياء، وأربعة من الجثامين، باستئنافها إطلاق النار وقتل عدد من الفلسطينيين، ومداهمة منازل من تم تحريرهم من الأسرى في الضفة الغربية بعد ساعات من إطلاق سراحهم، وتقليص عدد شاحنات المؤن الغذائية والمواد الصحية المتفق على دخولها إلى القطاع.

* *

تُرى ماذا سيفعل الرئيس ترمب أمام مواجهة هذا التمرّد الإسرائيلي، وهذا التصرّف من تل أبيب الذي يقوّض السلام، ويشكك في مصداقية ما تم الاتفاق عليه، حتى مع وجود ضمانات من أربع دول على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وقول الرئيس ترمب بأنه سوف يفرض السلام ولو بالقوة، وهو ما قد يُفهم بعد هذا التصرف الإسرائيلي على أن المقصود بالقوة اقتصاره على حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية الأخرى في القطاع، وأن إسرائيل مستثناة من المحاسبة، واستخدام القوة معها، متى تصرفت بما يُخالف ما وافقت عليه مسبقا، والتزمت بتنفيذه.

* *

إسرائيل لا يُعجزها أن تخلق أسباباً تُبرّر بها الخروج عن بنود وثيقة السلام، وها هي تركز على عدم تسليم الجثامين، مع أن الرئيس ترمب أكد بأن حماس قد لا يكون لديها من المعلومات ما يُستدل بها للوصول إليهم، بعدما أصبحوا أو بعضهم ربما تحت أنقاض المباني التي دمّرتها إسرائيل، ومع الوقت قد يتم العثور على هذه الجثامين أو بعضها، فكيف لمن سلّم الأحياء العشرين، وأربعة من الجثامين لا يرغب في تسليم بقية الجثامين، وأين هي مصلحة حركة حماس في الاحتفاظ بها، مع أن الأجواء في القطاع بعد وقف إطلاق النار المفترض تسمح لجهات دولية أن تساعد في بذل الجهد للعثور عليهم بين أكوام من تراب وأحجار ومخلفات أخرى هي ما بقي من مبان شاهقة ومتوسطة وصغيرة في قطاع غزة.

* *

إن إكمال تطبيق خطة السلام، بإنهاء الحرب، وإعادة بناء قطاع غزة، يقتضي منع إسرائيل ومحاسبتها متى أخلّت بالتزاماتها، مع استخدام القوة عند الضرورة معها، إذا ما حاولت أن تتنصل من وثيقة خطة السلام، ومن عدم تنفيذ ما تمت موافقتها عليه، وإفهامها بأن تكرار قادتها القول بأن الحرب لن تتوقف، لأن أمامهم الكثير من التحديات، هو قول استفزازي، وتلويح بتفريغ خطة ترمب للسلام من مضمونها وقيمتها بعد أن تم استلام الرهائن من حماس، وكأن الهدف من هذه الخطة بمفهوم إسرائيل هو تحرير الرهائن ليس إلا.

* *

حتى نزع السلاح من حركة حماس، وقد وافقت عليه الحركة، هي عملية معقّدة، وتحتاج إلى مزيد من الوقت، وإلى آلية مُعينة، وجُهد دولي كبير، لكن إسرائيل تأخذه كمعيار على أن حماس -وهي كاذبة- تمانع وتماطل في تسليم ما لديها من سلاح، مع أن نزع السلاح حُدّد له مرحلة ثانية، وإسرائيل تسبق الزمن، باستخدام ذلك لإفشال خطة السلام، ضمن حسابات استعمارية، هدفها إبقاء الاحتلال، والهيمنة على قطاع غزة والضفة الغربية، والحيلولة دون تفعيل قرارات 159 دولة اعترفت بالدولة الفلسطينية.

* *

نحن مع الرئيس ترمب في استخدام القوة في فرص السلام ليس مع الجانب الفلسطيني فقط، وإنما مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، والعدالة تقتضي ذلك، فالسلام لا يتحقق دون التعامل سواسية مع الطرفين، والازدهار والاستقرار والسلام في المنطقة مرهون بقيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، أخذاً بخيار الدولتين، والمبادرة العربية، واعترافات دول العالم بالدولة الفلسطينية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد