خالد بن حمد المالك
مشاهد الفلسطينيين في غزة، وهم يحملون ما خفَّ وزنه للانتقال من مكان إلى آخر بحسب ما تمليه إسرائيل، وإلا تعرضوا للقتل، مشاهد باكية، تكسر الخاطر، تؤنِّب الضمير العالمي، يكتوي منها كل من شاهدوا مأساة الرحيل المر، دون أن يكون لهم حيلة في وقف هذه المجازر رغم موافقة حماس على خطة ترمب للسلام، ومنع هذا التوحش في قتل الأبرياء، ووضع حد لهذا الإرهاب الإسرائيلي الذي تجاوز كل حدود.
* *
كان مجلس الأمن قبل خطة ترمب للسلام يجتمع من حين لآخر، وينظر في اعتداءات إسرائيل، ويصوِّت بالموافقة على مشروع إدانة، ووقف للعدوان، لكن الفيتو الأمريكي لا يغيب، ويتم استخدامه لتعطيل أي قرار يدين إسرائيل، أو يدعو إلى وقف القتال، وكأن الحرب بين أمريكا والفلسطينيين، لا بين إسرائيل والفلسطينيين.
* *
إسرائيل دولة معتدية ومحتلة، وترفض السلام الذي يفضي إلى قيام دولة فلسطين، وأمريكا تؤكد، وتواجه العالم برفض اعترافاتهم المتتالية في إقامة الدولة الفلسطينية، بل وتهدِّد وتتوعَّد كل من يعترف بها، حتى وصل بها الأمر إلى منع رئيس السلطة الفلسطينية من الحصول على تأشيرة للسفر إلى أمريكا لحضور اجتماعات الأمم المتحدة التي كانت مرحلة فاصلة في اعترافات 147 دولة بالدولة الفلسطينية، بما فيها أغلب الدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا.
* *
الموقف الأمريكي الصادم لم يمنع الجمعية العامة للأمم المتحدة من دعوة رئيس السلطة الفلسطينية إلى إلقاء خطابه عن بعد، وهي ضربة لأمريكا، ولكنها لا تتعلَّم، ولا تستفيد، ومنغمسة في دعمها الأعمى لإسرائيل، والإصرار على حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة التي أقرَّتها القوانين والأعراف الدولية، ولعل في خطة ترمب للسلام ما يصحح المواقف الأمريكية الصادمة، وتتوقف الحرب، ويكون الاتجاه لخيار الدولتين.
* *
المشهد الذي نراه، هو تهجير الفلسطينيين من موقع لآخر داخل قطاع غزة، حتى والفلسطينيون في نشوة كبيرة مع خطة ترمب للسلام مع أنها بعيدة عن أي دور أو سلطة للفلسطينيين فيها، إمعاناً في حرمان هذا الشعب من حقوقه، وحياته، وجعله هائماً لا يعرف إلى أين المصير، فالضربات الإسرائيلية مستمرة، والقتل لا يزال، دون النظر إلى موافقة إسرائيل وحماس على خطة ترمب؟!
* *
قتلى يومياً بالعشرات، وبالمثل من الإصابات، وهدم لكل ما ارتفع من المباني، وتجريف ما انبسط من الأراضي في حملة إرهابية تريد أن تقضي على كل ما يدل على أن هذه الأرض المحروقة كانت يوماً باسم قطاع غزة، وعلى أمريكا إيقاف هذا التهور، وهذا المخطط الذي يستهدف وجود الفلسطينيين في القطاع تطبيقاً لما تم الاتفاق عليه بين حماس وإسرائيل في قبول خطة ترمب.
* *
أتساءل: هل من نهاية لما يجري من عدوان إسرائيلي على غزة بعد كل هذا الذي حدث، وبعد خطة ترمب، وبعد أن بلغت حرب الإبادة ما بلغته من استباحة للقطاع، وقتل لكل من يرفض الرحيل من الأماكن التي يُحددها جيش العدو، حتى ظن العدو أن الفلسطيني لا أمل له لأن يكن من بين الأحياء، ولا أثر من ردود فعل على ما يُقتل يومياً منهم، وأنهم كالحيوانات كما قال بذلك أحد أركان حكومة إسرائيل المتطرفة.
* *
الأمل جد كبير بأن تسفر المباحثات بين إسرائيل وحماس غير المباشرة في وضع آلية لتطبيق خطة ترمب للسلام، ويكون الوسطاء عوناً في إلزام إسرائيل بإيقاف عدوانها على قطاع غزة، وعدم خرقها لأي بند من بنود الخطة الآن وفي المستقبل، وصولاً إلى تحقيق سلام عادل ومستمر بقيام الدولة الفلسطينية، ولا يتكرر مع قيامها مثل هذا العدوان.