: آخر تحديث

معرض الكتاب وصناعة الوعي

1
2
2

سهم بن ضاوي الدعجاني

تنطلق سنوياً مع معرض الرياض الدولي للكتاب منذ 49 عاماً، رحلة معرفية مستدامة، بمشاركة واسعة من دور نشر عربية ودولية، تنقل الفضاء الثقافي الذي عرفته الرياض منذ عام 1976م إلى مستوى جديد، وزخم فكري ومعرفي كبيرين يعكسان تطور الحالة الثقافية في المملكة، وهنا تذكرت جامعة الملك سعود، التي احتضنت أول معرض دولي يقام على مستوى المملكة، عام 1976 م، حيث افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- أيده الله -، حين كان أميراً لمدينة الرياض، وتحول هذا المعرض على امتداد قرابة نصف قرن ، تحول إلى عرس ثقافي سعودي ، سجل اسمه، وثبّت مكانته في المشهد الثقافي العربي، وأصبح وجهة مهمة للناشرين والمتطلعين إلى متابعة أحدث الإصدارات العربية والدولية في الفكر والفن والثقافة. ومازالت هيئة الأدب والنشر والترجمة تبذل جهوداً كبيرة بشكل سنوي لتنظيم معرض الرياض الدولي للكتاب، تحت شعار «الرياض تقرأ» ، ولا شك أن المعرض يُعد من أبرز المنصات الثقافية السعودية في المنطقة، من خلال تطويره لصناعة النشر وتعزيز الحراك المعرفي محليًا ودوليًا، خاصة وأنه يشمل المعرض برنامجًا ثقافيًا متنوعًا يتضمن ندوات، وورش عمل، وأمسيات شعرية، وعروضًا فنية. كما يتضمن منطقة أعمال لدعم قطاع النشر، وركن المؤلف السعودي المخصص لأصحاب النشر الذاتي، بالإضافة إلى ذلك، يقدم المعرض أنشطة أدبية وثقافية موجهة للأطفال واليافعين، لقد أصبح معرض الرياض الدولي للكتاب من أكبر الأحداث الثقافية العربية. حيث يجمع المعرض بين الكتاب والإبداع والمعرفة، ويكرس موقع المملكة كمنصة رئيسة للثقافة في المنطقة والعالم.

المعرض يأتي تحت شعار “الرياض تقرأ”، المنبثق من حملة «السعودية تقرأ»، التي أطلقتها هيئة الأدب والنشر والترجمة بهدف تعزيز شغف القراءة والمعرفة لدى جميع فئات المجتمع، وتشجيع الثقافة والإبداع.

وهنا تحضرني مقولة الناشر النشط صالح الحمّاد، مؤسس دار رشم: «لقد تجاوز معرض الرياض الدولي للكتاب كونه مجرد معرض للكتب، ليصبح بحق سفينة وبحرًا ومنارة للثقافة العربية، يثري العقول، ويلهم الأرواح، ويؤكد على أن الرياض – بشعارها «الرياض تقرأ» – هي بالفعل عاصمة للثقافة والمعرفة، ومنارة تهتدي بها الأجيال نحو مستقبل أكثر إشراقا» ولاشك أن أبرز محاور فلسفة معارض الكتب يمكن اختصارها في الأبعاد التالية : احتفاء ثقافي ، تفاعل مباشر بين المؤلف والقارئ ، والناشر وتشجيع القراءة كفرصة للتغيير إضافة إلى الأهداف الاقتصادية ، كما تؤكد الدراسات النفسية على أهمية التجربة الحسية في عملية التعلم والتذكر، ويتيح معرض الكاتب هذه التجربة من خلال تصفح الكتب والتفاعل المباشر معها في أروقة المعرض ، في الحقيقة لم تعد أبرز معارض الكتاب في العالم محصورة بين معرض فرانكفورت الدولي للكتاب ، ومعرض لندن الدولي للكتاب ، ومعرض الشارقة الدولي للكتاب ، ومعرض القاهرة الدولي للكتاب ، ومعرض أبوظبي للكتاب ، بل أصبح معرض الرياض الدولي للكتاب يتربع على عرش تلك المعارض حضوراً وتجدداً وتميزاً .

السؤال الحلم

متى يتحول معرض الكتاب إلى نافذة مفتوحة على الفكر والإنسان؟، سيتم ذلك فقط، إذا تحول المعرض إلى ملتقى فكري تلتقي فيها مختلف الحضارات والثقافات بين أروقته وعلى رفوف الكتب، وإذا أصبحت في ثقافة المجتمع إن زيارة المعرض ليست مجرد رحلة لاقتناء الكتب أو تصفحها، بل هي تجربة ثقافية وإنسانية ملهمة تُثري العقل وتُلهب الخيال وتُعيد للكتاب مكانته في زمن السرعة والرقمية، وتمنح ذواتنا قبل أطفالنا « فرصة الاختيار « وشمّ « عبير « الفكر الإنساني بعيداً عن ضغط الاقتصاد ومطالب السياسة.

وأخيراً..

كلما زرت معرض الرياض الدولي للكتاب، تحضرني صورة الملك سلمان بن عبد العزيز- أيده الله - باني نهضتنا الثقافية والفكرية وهو يفتتح أول معرض للكتاب في عاصمة الثقافة الرياض قبل 49 عاماً، ويتجول بين أروقته ويتصفح الكتب ويناقش المثقفين والناشرين في صورة ما زالت خالدة في وجدان المثقف السعودي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد