سهوب بغدادي
صوتك غير مسموع، آراؤك غير مناسبة، مبادراتك غير فعالة، علاقاتك غير مرضية! قد يمر بالشخص فترات في حياته أشبه بمراحل مرحلية يشعر فيها بعدم الاندماج أو التماشي مع محيطه، ويحاول جاهدًا أن يتوافق مع الظروف بغض النظر عن صعوبتها وتعقيدها، فذاك الصديق لم يعد يحتويك، وتلك الوظيفة لم تعد تسخر معارفك ومهاراتك التي اكتسبتها ونميتها عبر السنين.
وبالحديث عن النمو، فإن المسألة تتعلق به بشكل مباشر أو غير مباشر، فالإنسان والمعطيات التي يواجهها أشبه بالحوض أو «المركن» الزراعي الذي يشكل المعطى الخارجي وأنت النبتة التي تنمو في الداخل، فعندما تنمو من الداخل وتتجذر وتتشعب ثم تبرعم وتزهو وتزهر وقد تثمر، فتصل إلى مرحلة من التمدد لتصطدم بالحوض من الداخل فيزداد ضغطك على الجدران لتأخذ وضعك الطبيعي مع تطورك ويزداد احتواء الجدران لك بشكل وثيق، فالحوض اعتاد الثبات والرسوخ وأنت تعلمت النماء والتغير والمرونة، فالاختناق أو الإحساس بعدم الارتياح أمر بديهي وإن حاولت النبتة أن تلتف حول نفسها وتتشابك جذورها فستصل إلى مرحلة خنق الذات، لذا يعمل المزارعون على نقل النبتة بعد مرحلة ما إلى حوض أكبر أو نقلها إلى الأرض والتربة الطبيعية، أليس مبدأً جميلا عندما نفكر فيه بهذه الناحية؟
عوضًا عن التألم بلا فائدة، فألمك مصحوب بالنمو والارتقاء، ولا نعني أن نقطع جميع علاقاتنا التي كبرنا عليه بل نعاملها كالنبتة التي تتطلب الرعاية الخاصة لكل جزء منها على حدة، فالأوراق الصفراء نشذبها، ونرويها بمقياس بعيدًا عن الإغمار والشح في آنٍ واحد، كما نقوم بتسميد التربة التي تمثل المحيط الأكبر الشامل لجميع المعطيات والمتغيرات، ونقتلع الضار والمصاب بالآفات، وهكذا نحيا وننمو ونزهر ونزدهر بأنفسنا ومع من نحب.
كل ما عليك أن تكبر وتهتم بنموك الداخلي والخارجي وكل الأمور الأخرى ستأتي تباعًا.
دمتم بنماء.