أكتب هذا المقال لأشيد، ليس فقط بجهود وإبداعات د.سعد الدوسري، مدير مركز صباح الأحمد للكلى والمسالك، وشهادتي فيه مجروحة، فهو الطبيب الذي يهتم بصحتي، في المركز، وبل وأيضاً لكل من يماثلونه من الأطباء، خلقاً وخبرة وفهماً، لكن ما هو مستحق يجب أن يذكر، حيث استطاع الدكتور سعد، وفريقه الطبي، تحقيق إنجاز يُعد الأول من نوعه على مستوى الكويت والمنطقة، حيث نجحوا في إجراء عشر عمليات جراحية عن بُعد Telesurgery باستخدام أحدث تقنيات الروبوت الجراحي والاتصال الطبي المتقدم، لتُسجل الكويت بذلك موقعاً بارزاً على خريطة التطور الطبي العالمي.
كانت بداية هذا المشروع في شهر ديسمبر 2024، عندما أُجريت أول عملية عن بُعد في الشرق الاوسط، حيث أجراها الجراح د.الدوسري من مدينة شانغهاي، في الصين، بعيداً عن الكويت بـ7000 كيلومتر، حيث كان يرقد مريض في غرفة العمليات بمركز صباح الأحمد، حيث قام باستخدام تقنيات الربط المباشر والروبوت الجراحي المتطور لتنفيذ العملية، والتي تكللت بالنجاح، وشكلت نقطة تحول في مستقبل العمليات الجراحية في البلاد والمنطقة. توالت بعدها الإنجازات، حيث قام الفريق الطبي نفسه في أبريل الماضي، وتالياً في يونيو 2025، بإجراء سبع عمليات جراحية أخرى عن بُعد من مدينة شانغهاي، بمعدل حالة جراحية كبرى في اليوم، تكللت جميعها بالنجاح، هذه الخطوة لم تُبرهن فقط على الكفاءة الطبية العالية، بل أثبتت أيضاً مدى تطور البنية التحتية الرقمية والكوادر الصحية في البلاد. وقد قام الفريق الطبي بنشر نتائج هذه العمليات الثماني في مجلات طبية علمية محكمة، وهذا أهّل من قام بها لحضور المؤتمر السنوي لجمعية جراحي الروبوت الدولية، الذي أقيم في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، وحضره برفقة وزير الصحة د.العوضي والوفد المرافق له. ومن هناك قام د.سعد بإجراء عمليتين جراحيتين عن بُعد من المدينة نفسها على مريضين في الكويت، وأُجريت العمليتان مع النقل الحي المباشر (live) على شاشات قاعات المؤتمر، الذي كان يضم أكثر من ٢٥٠٠ من الحضور، بينهم أطباء كبار، ليصل إجمالي العمليات الجراحية الروبوتية، التي أجراها الفريق الكويتي، عشر عمليات، وهذا يعتبر رقماً قياسياً في تاريخ القطاع الصحي الكويتي والعالمي، خصوصاً انه يشمل إجراء العمليات من دولتين وقارتين مختلفتين (من الصين، ومن فرنسا).
تقديراً لهذا الإنجاز الكبير، فقد تلقى التهنئة، المستحقة، من المراجع العليا، مشيدة بجهوده وفريقه الطبي، وعموم الكوادر الصحية الكويتية، معتبرين هذا الإنجاز دليلاً على ما يمكن للكفاءات الكويتية تحقيقه حين تتوافر الإرادة والتقنية.
للعلم، يعد إجراء العمليات الجراحية عن بُعد ثورة طبية في الجراحة الحديثة، لما توفره من تمكين الخبرات الجراحية من الوصول للمناطق النائية أو المرافق، التي لا تتوافر فيها كفاءات تخصصية عالية، مع تقليل وقت الاستجابة الجراحية في الحالات الطارئة، إضافة لتمكين التعاون مع المراكز العالمية لإجراء العمليات الجراحية الروبوتية المعقدة، بغير الحاجة لإرسال المريض للخارج او دعوة الأطباء لزيارة البلاد، إضافة لدورها في رفع كفاءة التدريب والتعليم الطبي، من خلال إمكانية متابعة العمليات عن بُعد بشكل مباشر. هذا الإنجاز الوطني يُمثل نموذجاً يُحتذى في استخدام التكنولوجيا الحديثة لخدمة الإنسان، ويضع الكويت في مصاف الدول الرائدة في الجراحات الروبوتية عن بُعد، تمهيداً لمزيد من التطورات في قطاع الصحة.
أحمد الصراف