علي الخزيم
* أشرت بالجزء الأول من الموضوع إلى مَن يزعمون أنهم بتذاكيهم و(فهلوتهم) وخدعهم قد يصطادون فئات مِن مجتمعات الخليج العربي؛ إذ وصفوهم بأنهم لم يرتقوا بعد سُلّم الحضارة ويصفوننا بالبدو، ولأنهم قلّة سامجة فلا تُلام مجتمعاتهم وشعوبٌ ينتمون إليها بأفعالهم إلَّا مَن أيَّدهم تلميحًا أو تصريحًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وقلت: إنهم أخطأوا فهم مجتمعات الخليج النقية المُتربية على الفطرة الطاهرة ولم تتلوث قلوبهم وأنفسهم بشوائب تَشَبَّعها أولئك المفسدون لظروف خاصة بهم وألفوها؛ فحين نتعامل بالذوق الرفيع والأدب الجَم والصدق والأمانة: يفهمها أولئك الغوغائيون - بنظرهم القاصر- أنها جهل وغفلة وغباء يجب استثماره.
* المسيئون ممن يفتعلون التشويه بتوجيه وإملاءات جهات مغرضة يتغلغلون ويندسون بين حسابات وصفحات ومواقع وسائل التواصل الاجتماعي وينتشرون عبر مساحات جغرافية تفي بالغرض المنشود لتعميم رسائلهم المشبوهة ومقاطعهم (المعالجة بتقنيات الذكاء الاصطناعي) وهي بغالبها موجّهة لفئات مهيأة لابتلاع الطعم لقلة امتلاكها أدوات الوعي الفكري لتحليل الأبعاد المقصودة من تلك الرسائل والتدوينات المفسدة والهادفة بكثير من تَفَرعاتها لخلخلة العلاقات الطيبة بين الأشقاء؛ وإثارة البلبلة بين شعوب متعاونة كمحاولات لإضعافها ونشر الفوضى بين جنباتها خدمة لجهات مستفيدة من الغوغائية والشقاق لو نجحت الخطط وحدث المراد.
* ومن المؤسف أن يكون بعض ناشري التغريدات والمقاطع المصورة المُسيئة ـ إن صدقوا ـ مِمَّن يتقلّدون درجات علمية عالية؛ أو بمسميات مرموقة، ثم تكون تلك إفرازات عقولهم كذبًا ودجلاً وتشويهًا متعمدًا لمنجزات تتحقق لبلد شقيق أو صديق؛ ولنشر الأحقاد والخلافات والتنابز بين شعوب المنطقة، ما يُبرهن على أحوال تنتاب تلك الأنفس المريضة؛ فإما صدأ القلوب المنتفخة بمرض الغِل والغيرة والحرمان؛ وإما تعمّد خداع الضمير وطمس كل القِيَم الإنسانية؛ وامتهان الكرامة الذاتية بسبيل فتات يقذف بأفواههم بالوقت المعلوم.
* ومما يريح النفس أن تجد عقول وطنية شابة متزنة متعلمة متسلحة بسلاح الثقافة ومعرفة الأبعاد ومخرجات الأحداث لتتولى الردود بثقة وعقلانية؛ وتُفنّد الادعاءات الكاذبة المُجحِفة بهدوء العارف المتمكن؛ بعيدًا عن سفاسف القول وفاسق التراشق؛ ورديء العبارات والجُمل؛ وضحالة الفكر كالذي يَصدُر مِن تلك الطغمة المتجاوزة لحدود الآداب وقواعد الطَّرح، شباب فهموا واستوعبوا المعاني السامية الراقية للوطنية المخلصة وفق ما تلقَّوه من تعاليم الدين الحنيف ومن مناهج التعليم والتربية المنزلية المستمدة من الشريعة السمحة النقية؛ فلا طغيان ولا عدوان حتى بالتحاور والنقاشات وتباين الآراء مع الآخرين.
* كما تقف أمام تلك الأبواق المأجورة مَصدَّات صلبة قوية صادقة مُنصفة تصدر من جهات جغرافية متعددة متباعدة ومشارب فكرية متنوعة، وعبر منصات إلكترونية ومواقع إعلامية تجمعها مرتكزات الحقيقة والواقع؛ لم يُمْل عليها ما تقوله فهي تُعبّر بنزاهة ومِمَّا تلمسه مِن شِيَم ورُقِي مجتمعات دول الخليج العربي؛ أو من أصداء ما ينقله لهم المعارف والأقارب من الارتياح والإعجاب بهذه الشعوب الخليجية، وألجَمَت هذه المواقف المنصفة كثيرًا مِن أبواق البُهتان؛ غير أن منها ما تجاوز حدود الفجور والبذاءة والتّدليس بإنتاج الافتراءات والأكاذيب، إلَّا أن وَعي المجتمعات الخليجية يكفي -بعون الله- لتسفيه أكاذيبهم.