محمد بن عيسى الكنعان
انتهى موسم حج 1446هـ -ولله الحمد- بنجاح لافت يعكس بشكل واضح الاحترافية، التي بلغتها أجهزتنا السعودية في إدارة ملف الحج، في ظل توجيهات قيادتنا الحكيمة ومتابعتها المستمرة والدقيقة، وهو نجاح مُعتاد كل عام، لكن مستوى هذا العام كان مرتفعًا، ما يعني أن منظومة الخدمات المقدمة تزداد رقيًا وتقدمًا على شتى المستويات. وإذا كان الحيز هنا لا يتسع لاستعراض أبرز الإجراءات والخدمات، والتسهيلات، والتجهيزات المقدمة في حج هذا العام، فإن المجال -ولا شك- يتسع للحديث عن واحدة من أهم المبادرات الناجحة التي تم تطبيقها في الحج وهي مبادرة (طريق مكة)، إحدى مبادرات وزارة الداخلية ضمن برنامج (خدمة ضيوف الرحمن)، التي تبرهن على الجهود الجبّارة التي تبذلها حكومة المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- وامتدادًا للرسالة العظيمة في خدمة ضيوف الرحمن منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه.
تقوم الفكرة المحورية لمبادرة (طريق مكة) على تمكين حجاج الخارج من إنهاء إجراءات دخولهم إلى المملكة من مطارات بلدانهم، ونقلهم مباشرةً وبكل يسر وسهولة إلى أماكن إقامتهم في مكة المكرمة أو المدينة المنورة دون أي تأخير؛ حيث تبدأ رحلة المبادرة من إصدار تأشيرة الحج إلكترونيًا، وأخذ الخصائص الحيوية، مرورًا بمهام الجوازات لإنهاء إجراءات الدخول إلى المملكة من صالة المبادرة في مطار بلد المغادرة بعد التحقق من توافر الاشتراطات الصحية، ومن ثم ترميز الأمتعة وفرزها وفق ترتيبات النقل والسكن في المملكة، ونهايةً بالانتقال مباشرة إلى الحافلات لإيصالهم إلى مقار إقامتهم في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة. وقد أُطلقت المرحلة التجريبية لمبادرة (طريق مكة) في حج عام 1438هـ (2017م) لحجاج دولة ماليزيا، وفي عام 1439هـ (2018م) أضيف حجاج دولة إندونيسيا، وفي حج العام التالي شملت المبادرة خمس دول، هي: (باكستان، وبنغلاديش، وتونس، إلى جانب ماليزيا وإندونيسيا)، وفي العام 1444هـ (2023م) شهدت المبادرة نقلةً نوعية في إثراء تجربة الحجاج القادمين من سبع دول، وتمكينهم من التمتع بخدمات ذات جودة عالية، خلال رحلتهم إلى المملكة، وهي: (باكستان، وماليزيا، وإندونيسيا، وبنجلاديش، وتركيا، المغرب، وكوت ديفوار)، عبر صالات مخصصة في 11 مطارًا بتلك الدول، وخُصصت إحدى صالات مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة لخدمة هؤلاء الحجاج، كما تم تطوير عمليات الوصول بشكل كامل من خلال مبادرة (حاج بلا حقيبة)، بحيث تضمن للحاج وصول أمتعته إلى مقر إقامته بشكل منظم وآمن، دون تحمل عناء انتظارها ونقلها معه. وحسب بيانات وزارة الداخلية، وهي الجهة المعنية بمبادرة (طريق مكة) فإن عدد الحجاج المستفيدين من هذه المبادرة منذ إطلاقها عام 2017م وحتى العام 2014م تجاوز 940 ألف حاج.
كل ذلك يأتي في إطار مستهدفات رؤية السعودية 2030 من خلال برنامج (خدمة ضيوف الرحمن)، الذي يُسهم في الارتقاء بالخدمات المقدمة لضيوف الرحمن من جميع بقاع العالم؛ حيث يعمل البرنامج مع عدد كبير من الهيئات الحكومية والقطاعين الخاص وغير الربحي لتحقيق أعلى درجات الراحة والطمأنينة لضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين وزوار.