أوثقا يدي «أم طارق» بحبل، وأخذا حقيبة يدها منها، وبدآ بالبحث في غرف النوم، وعندما يئسا قرّرا الهرب بسرعة، بعد أن اكتفيا بما حصلا عليه من ثمين ما كانتا ترتديانه، وفور خروجهما من البيت، تمكنت الزوجة من فك قيدها، وجرت مسرعة إلى جرس الإنذار، وضغطت عليه، وعادت لتفك قيد صديقتها، وبما يشبه المعجزة، وصلت الشرطة في أقل من دقيقة، وتبيّن أنهم كانوا يراقبون البيت، لكن لم يكونوا على ثقة بأن الشابين كانا من اللصوص، بسبب مظهرهما الخارجي البريء والأنيق، والسيارة الفارهة التي كانا يقودانها. وفور علمهم بما حدث أصدر قائدهم تعليماته لكابتن مروحية كانت تحوم فوق البيت، لملاحقة سيارة اللصوص، وزودوا قائدها بأوصافها، وبدأت المطاردة، أرضاً وجواً، في مشهد سينمائي، كنا نراه في أفلام الإثارة، وانتهت المطاردة بعد دقائق، عندما وجد اللصان نفسيهما في شارع مغلق، لا يؤدي إلا لبيوت سكنية وحائط نصف مرتفع، تركا سيارتهما بجانبه، وقفزا لظهر السيارة، ومنها إلى الطرف الآخر من الجدار، ليجدا نفسيهما، ويا للهول، في فناء مخفر شرطة المنطقة، فتم القبض عليهما، وقدّما تالياً للمحاكمة، وكانت أم طارق وصديقتها، صاحبة البيت، الشاهدتين على جريمة «السطو المسلح» الخطيرة التبعات.
غادرت بعدها أم طارق بريطانيا، وعادت إلى وطنها، وبعد مرور بضعة أشهر، تلقت مكالمة هاتفية من الشرطة البريطانية تطلب حضورها، فوافقت، لكن لم يصلها القرار النهائي، ولا موعد السفر، بالرغم من أنهم تكفّلوا بتغطية كامل تكاليف سفرها وإقامتها للشهادة ضد اللصوص، وتوفير الحماية لها أثناء ذلك، ثم وردها اتصال ثان بعد بضعة أشهر، واعتذار على التأخير، وعرفت تالياً من جارتها، الشاهد الآخر، أن الدعوتين لم تتحققا، لأن أحد المتهمين هرب من السجن، وعندما جاء وقت دعوتهما للشهادة ضد الآخر، تمكن الثاني أيضاً من الهرب.. من السجن «الخرطي».
* * *
تذكرت تلك الحادثة، التي وقعت قبل 40 عاماً، لزوجتي «أم طارق»، والتي ربما لم يسبق أن كتبت عنها من قبل، عندما كنت أشاهد فيديو قصيراً على الواتس أب، للص خرج من شباك شقة قام بسرقتها، وتقع في الدور الأول، وقفز منها على سقف سيارة كانت تقف مصادفة تحت الشباك مباشرة، لكن لسوء حظه، كانت السيارة، ويا للهول، تعود لدورية للشرطة، كان بعضهم بداخلها، وبعضهم الآخر خارجها، فوقع في المصيدة بقدميه، وسجلت كاميرا المراقبة الحادث الطريف.
أحمد الصراف