من الملاحظ أن حركة الاستعداد للسفر هذه الأيام تشمل معظم البيوت، وهذا حدث أصبح شبه ثابت في رزنامتنا الصيفية، ولذا وجدتني أعيد الكتابة عنه وذلك أن نسبة كبيرة من المسافرين لقضاء إجازة الصيف يستعدون للسفر إلى الخارج ولو سألت بعضهم عن سبب استبعاد خيار السياحة الداخلية لسمعت إجابات متعددة يتركز كثير منها حول أن السياحة الخارجية أقل تكلفة.
وسبب آخر لا بد من التوقف حوله وهو أن الأطفال والشباب يتفاخرون مع زملائهم عند العودة للمدارس بأن إجازتهم كانت خارجية في لندن أو باريس مثلا ويصاحب ذلك مقارنات من بقية الطلاب وبمشاركة مدرسيهم أحيانًا بينما لو كانت الإجازة في إحدى مصائف بلادنا لكان الصمت والتجاهل.. وهنا يأتي دور وزارة التعليم لوضع برامج ومسابقات واحتفاء بمشاركة تجارب الطلاب الذين يقضون أجزاء من إجازتهم في الداخل.
ويمكن أن تشارك وزارة السياحة في مثل هذه البرامج كجزء من جهود توعية شاملة وتستعين على ذلك بوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والمشاهير الذين أحيانًا يشيدون بمن يسافر إلى الخارج ويتابعون حركتهم في المطار والأسواق.. بينما من يقضي إجازته في الداخل لا يحظى بأي اهتمام.
وأعود إلى عنوان مقالي (المصائف السعودية لو نظرنا إليها) فأقول لو نظرنا إلى مصائفنا لوجدنا الأمن الذي لا مثيل له ففي مدن عالمية معروفة تخشى أن تتحدث في الهاتف وأنت تسير على الرصيف لكثرة ما يحصل من السرقات للهواتف والمتعلقات الشخصية.
ولو نظرنا إلى مدن بلادنا لوجدنا التنوع الجغرافي الجميل بين شواطئ في شرقها وغربها إلى نخيل القصيم والأحساء ثم إلى بساتين الورد والرمان في الطائف وتبوك والباحة، إضافة إلى جبال عسير الخضراء.. وهذا التنوع في الأجواء يجعلها جذابة للسياح على مدار العام وليس في فصل الصيف فقط.
أقول ذلك عن تجربة شخصية فلقد زرت جميع هذه المناطق التي ذكرتها أكثر من مرة ما جعلني اكتب هذا المقال عن قناعة تامة.
وأقول لمن يدعي أن السياحة الداخلية تكلف أكثر عليك أن تتذكر قيمة تذاكر الطيران إلى الوجهات الدولية وكذلك قيمة فنجان قهوة في المناطق السياحية الشهيرة في أوروبا أو حتى الدول العربية ودول المنطقة، والتكاليف الأخرى التي باتت ملازمة لنمط المعيشة والسفر من ملبس أو رسوم لحجز بعض المطاعم والتي شجعنا بعضنا عليها، ولإحداث التوازن بين الخدمة ومستوى الأسعار في السياحة الداخلية أعود إلى طرح ما ذكرته في مقال سابق لي أن "معادلة السياحة تتطلب خطوة من كل طرف، فالسائح لن يُقدم على مزيد من رحلات الداخل إلا إذا توافرت له الخيارات والبرامج بأسعار ملائمة وجودة عالية.
وهذه الخيارات والعروض لن يُقبل عليها المستثمرون إلا إذا رأوا الطلب يتزايد والإقبال ينمو" وأضيف لذلك اقتراحاً بأن تقوم الجهات ذات العلاقة بتشجيع أصحاب المجمعات والوحدات السكنية وشركات الطيران السعودية على التعاون لتطوير حزم سياحية (أو ما يعرف بالبكج) بأسعار محفزة أثناء فترات الاجازات لتقليل تسرب الإنفاق خارج الاقتصاد الوطني.
واختتم مقالي بالقول أن الجهود المبذولة من الجهات المختصة وفي مقدمتها وزارة السياحة والهيئة السعودية للسياحة التي تقوم بجهد كبير وملموس في الجانب الإعلاني عن المصائف أدى الى زيادة عدد السياح المحليين.
وقال وزير السياحة أحمد الخطيب أن الوزارة تهدف إلى رفع نسبة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي إلى 10% وفق مستهدف رؤية 2030.. وأشار الوزير أيضًا إلى أن عدد زوار عسير مثلًا وصل إلى 8 ملايين زائر خلال 2023 وتم تمويل 10 مشاريع سياحية جديدة فيها بمبلغ مليار ريال.. ويبقى دور المواطن لكي يتجه إلى قضاء جزء من إجازته في مصائف بلاده الآمنة والجميلة.
المصائف السعودية.. لو نظرنا إليها
مواضيع ذات صلة