: آخر تحديث

آكام من ركام

4
5
4

في الأقوال السائرة، أن الحروب تغلق جميع الأبواب وتفتح واحداً فقط: الجحيم! تأمّل التكهنات والتوقعات في هذا الفصل من المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية. ناس تقول إنها ممتدة ثلاثة أسابيع. وناس تقول سنة. وناس تقول إنها حرب استنزاف لا نهاية لها. والذي قدم التوقع الصحيح هو الذي أعلن، منذ اللحظة الأولى، أنه لا يعرف، ولا يعرفُ أحداً يعرف.

ربحت إسرائيل دائماً الحروب التي لم تخضها، مثل حزيران (يونيو) 67. قضت على السلاح الجوي المصري وهو رابض. كل الحروب الأخرى ظلت مفتوحة إلى أن وضع قرار دولي حداً لها. دمرت غزة ألف مرة، و«لم تحقق إسرائيل أهدافها» حتى الآن. وكانت إسرائيل تتوقع أن تحسم 200 طائرة من سلاحها الجوي الحرب مع إيران، لكن الردود الإيرانية إلى اليوم فاجأت الجميع، وأولهم إسرائيل وحساباتها.

هذا لا يعني أن ميزان القوى متعادل، لكنه بالتأكيد مقلق للطرف الإسرائيلي. ومرة أخرى تزيل من الذاكرة الحرب التي يمكن حسابها بالأيام: حرب الأيام الستة. أو حرب 5 حزيران. العالم اليوم في حرب لا يعرف خاتمتها، ومن بدأها، ولا من ينهيها.

طبعاً لا يمكن إخفاء، أو تجاهل، عنصر التفوق في الصراع، وهو عامل وعالم الاستخبارات. لكن لا يبدو أنه ترك ذلك الأثر المعنوي، سواء عند الإيرانيين، أو الرأي العالمي.

كيفما انتهت هذه الحرب، سوف يظل العامل الأهم، هو النفسي. دولتان تستعدان لمثل هذه المواجهة الكاسرة منذ سنين، وربما منذ عقود. ومشهد توراتي من النزاع متى الموت، يبدو وكأنَّه فصل من صراع الحضارات، ونبوءات صامويل هانتنغتون، التي ملأت القرن الماضي، وتكاد تفيض بالحالي. سوى أن ما سمّاه هانتنغتون حضارات، لا ينطبق عليه الوصف كثيراً. الاغتيال السياسي ليس حضارة. أكفان الأطفال المرمية على الطرقات ليست حضارة. تحويل المدن إلى آكام من الركام ليس مدنية، وتقدماً، وتطوراً.

أشهر نظريتين في القرن الماضي كانتا صراع الحضارات، و«نهاية التاريخ» لفرنسيس فوكوياما. الأخيرة لم تعمر طويلاً. الأولى ستعيش إلى أن يتكوَّم العالم أنقاضاً في حروب بنيامين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد