سلطان ابراهيم الخلف
استطاع الإعلام الغربي تشويه صورة ألمانيا النازية، بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، وطبعها في أذهان الناس على صورة شبح شرير، عدو للبشرية، كلما جاء ذكر النازيين على مسامعهم.
ولعب اليهود الصهاينة دوراً كبيراً في تشويه سمعة النازيين بهدف الانتقام، مما تعرّضوا له من قمع على أيديهم، وفرضوا على العالم حكاية «الهولوكوست» التي تمثل ذلك القمع، المليئة بالمبالغات والبعيدة عن الحقيقة وغالبها من نسج الخيال، مثل تصفية 6 ملايين يهودي في أوروبا، ثم فرضوا قانوناً يعاقب من يشك أو ينكر «الهولوكوست»، وآخر يعاقب من يتعرض لليهود، بتهمة «العداء للسامية».
والمعروف أن المفكر الفرنسي روجيه غارودي، أحيل للقضاء ووجهت له تهمة التشكيك في أعداد اليهود الذين قضوا في غرف الغاز في المعتقلات النازية، حيث توصّل بعد البحث إلى أن العدد أقلّ من ذلك بكثير. وقد استغل الكيان الصهيوني منذ قيامه غير الشرعي في 1948، مسألتي «الهولوكوست» و«معاداة الساميّة» للتغطية على جرائمه ضد الفلسطينيين، على أساس أن ما تعرّض له اليهود من قمع على أيدي النازيين، مثير للشفقة، ويبرّر ما يقوم به اليهود المحتلون من جرائم ضد الفلسطينيين، ويعتبرونهم أعداءً للساميّة يجب قمعهم بلا هوادة.
لكن منذ العدوان الصهيوني الوحشي على غزة بعد عملية «طوفان الأقصى البطولية»، وانتشار صور الدمار الشامل للمباني والمستشفيات والمدارس ومراكز الأونروا التابعة للأمم المتحدة، وصور القتلى والجرحى على مدار الساعة دون توقّف، بدأت تتكشف الحقائق عن طبيعة هذا الكيان الصهيوني، بعد عقود من التعتيم الإعلامي الذهبي، الذي عاشه الصهاينة وهم يمارسون جرائمهم في فلسطين المحتلة.
وصار الناس في جميع أنحاء العالم يتابعون جرائم الصهاينة، ويبدون آراءهم المناهضة لهم، ويعتبرونهم مجرمي حرب فاقوا النازيين، مع تأييدهم حكم محكمة جرائم الحرب الدولية المطالبة بإلقاء القبض على رئيس وزرائهم نتنياهو، كمجرم حرب. بل ذهب البعض إلى نبش أصول الصهاينة في فلسطين المحتلة، وعرض الدراسات التي تؤكد جذورهم في مملكة الخزر الوثنية قبل تحولّهم إلى اليهودية، وتكذّب ادعاءهم الانتساب إلى القبائل الإسرائيلية، مع أن عرض تلك الدراسات كان من الممنوعات التي لا يسمح بنشرها.
وصار اليهود أنفسهم يلومون الإسرائيليين الصهاينة بأنهم السبب وراء انتشار مشاعر «العداء للسامية». حتى المسيحيون الذين كانوا يتعاطفون مع الصهاينة، صاروا يهاجمون الصهاينة ويعتبرونهم أعداءً للمسيحيين بعد عرض مشاهد يظهر فيها المستوطنون وهم يضربون القساوسة في القدس، ويبصقون في وجوههم. بل ذهب البعض إلى التشهير باليهود الصهاينة واعتبارهم أعداءً للمسيح عليه السلام، وقد وجهت الإعلامية الأميركية كاندس، كلاماً شديد اللّهجة إلى الحاخام شمولي، الصهيوني، عندما وصفت اليهود بأنهم خريجو «كنيس الشيطان» مستشهدة بفقرة 3:9 من الكتاب المقدس.
بل حتى الإعلامي البريطاني بيرس، الذي كان يبرّر بشراسة جرائم الصهاينة في غزة، لم يتمالك نفسه من الغضب، ونهر السفيرة الصهيونية لبلاده تزيبي هوتوفلي، واتهم كيانها بقتل أطفال غزة بشكل متعمّد يومياً، وعاب عليها عدم إلمامها بأعدادهم، بينما تحتفظ بأعداد عناصر قتلى حماس، كما نهرها بالحذر وعدم معاملته كمعتوه!
وأكثر ما أحرج وأغضب الإرهابي نتنياهو، هو إدانة مئير غولان، العسكري الصهيوني السابق، رئيس حزب الديموقراطيين المعارض، كيانه الإسرائيلي بقوله «الدولة العاقلة لا تحارب المدنيين، لا تقتل الأطفال كهواية، ولا تجعل من هدفها طرد السكان».
هكذا بدأ ينكشف الستار عن طبيعة الكيان الصهيوني، ككيان مريض، متوحش، دموي، غير إنساني فاق جرائم النازيين، وصار نموذجاً بديلاً للنازية يضرب فيه المثل بالوحشيّة والعداء للإنسانية.