محمد سليمان العنقري
شكلت زيارة الرئيس ترمب للسعودية كأول محطة خارجية له بعد اعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية تدشين مرحلة جديدة بتاريخ العلاقة الامريكية مع الشرق الأوسط والتي ظهرت ملامحها في خطابه الذي القاه بمنتدى الاستثمار السعودي الأمريكي فهو ركز على السلام والتنمية والشراكات الاقتصادية والتجارية وزيادة تبادل الاستثمارات وهو ما يتوافق مع توجهات رؤية المملكة 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحريص على تحقيق السلم الدولي و التركيز على النهوض بالاقتصاد محلياً واقليمياً ودولياً فهذا التوافق السعودي الامريكي نابع من وجهة نظرهم ان العالم يبنى بالسلم وتعميق الشراكات الاقتصادية والعلاقات التجارية وليس الحروب والشعوب تتقدم بالعلم والتنمية وليس بالشعارات الخادعة وانعدام الواقعية .
فالعالم دخل عصر الاقتصاد الرقمي عبر التقنية الحديثة والتي يقودها الذكاء الاصطناعي؛ فالنظام العالمي الجديد هويته الاقتصاد ومن بقي يعيش في زمن الايديولوجيات البالية والافكار المنغلقة ولا يعرف أن يبني الا شعارات وهتافات فارغة تعبر عن سطحية بالتفكير وانعدام تام للواقعية سيكون خارج هذا العصر، وسيبقى متخلفاً عن أغلب دول العالم فلا يكفي ان يكون لك مجد سابق بل عليك أن تبني المستقبل فالسباق العالمي للتفوق الاقتصادي والتكنولوجي لا يتوقف، فالاتفاقيات والاستثمارات التي أعلن عنها بزيارة الرئيس ترمب للسعودية والامارات وقطر تدل على أننا في اي زمن نعيش؛ فجلها كانت في مجالات التقنية الحديثة بين شركات محلية ونظيراتها الامريكية التي تعد أكبر شركات العالم في مجال الذكاء الاصطناعي وخدماته، والذي سيتضاعف حجم ناتجه عالمياً لعشرة أضعاف في سنوات قليلة..
فدول الخليج تسعى ان تكون أحد مواطن هذا القطاع الاقتصادي الأهم عالمياً حالياً، إنتاجاً وتصديراً وليست مستهلكة للتقنية فقط حيث يشهد الذكاء الاصطناعي أعلى معدلات نمو في جذب الاستثمار له من بين كافة القطاعات الاقتصادية الاخرى، ويشير لذلك ما أعلن في أميركا من قبل شركات عملاقة قبل اسابيع عن ضخ مئات مليارات الدولارات في مجال البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وانتقال صناعات لاميركا مرتبطة بالقطاع من شركات عملاقة مثل اوراكل وآبل وغيرها الكثير فتوقيت عقد الشراكات الخليجية مع اميركا يتناسب تماماً مع بعد بداية دورة اقتصادية، وعصر جديد في اتجاهات اميركا الاقتصادية؛ فهي تملك اهم الشركات العالمية بالمجال التقتي و نجاح الشركات الوطنية مثل هيوماين السعودية بشراكات مع انفيديا وغيرها من الشركات الامريكية العملاقة عالمياً في مجالات التقنية الحديثة لتوطينها محلياً يعد ركيزة للتوسع مستقبلاً بهذا القطاع محلياً حتى يكون مصدراً للدخل ويتماشى ذلك مع التنويع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على النفط.
فكما يقال إن البيانات هي النفط الجديد، وتسعى المملكة ومعها الدول الخليجية إلى أن تكون أحد أهم مراكز البيانات عالمياً فهي تملك كل الامكانيات التي تؤهلها لذلك فالسعودية لديها الانظمة والتشريعات التي توفر بيئة صحية جاذبة للاستثمارات وتنفق مبالغ كبيرة في البنية التحتية للتقنية والرقمنة، ولديها كوادر بشرية مؤهلة استثمرت فيهم تأهيلاً وتدريباً محلياً وخارجياً عبر برنامج ابتعاث ضخم لافضل الجامعات وبالتخصصات العلمية الدقيقة، وأسست الشركات الداعمة لبناء اقتصاد معرفي سيخدم كافة القطاعات الرئيسية محلياً مثل الصحة والتعليم والطاقة ومصانع المستقبل.
وبالمناسبة فقد تم تحويل العديد من المصانع محلياً لتدار بالتقنيات الحديث من خلال برنامج طموح تقوده وزارة الصناعة والثروة المعدنية.
زمن الشعارات الغوغائية الذي باع الشعوب التي سيطر عليها الوهم انتهى وثبت فشله، وبرزت الدول التي كانت واقعية في تنميتها وتطوير افتصادياتها في الشرق الاوسط وعلى رأسها دول الخليج العربي، واليوم تتجه المنطقة لنزع فتيل كافة الصراعات برؤية سعودية وخليجية وشراكة أمريكية على اسس قوية ستحول المنطقة إلى اوروبا الجديدة فالتنمية والاقتصاد والتجارة والتقنيات الحديثة هي أكثر ما سيتم الحديث عنه في الشرق الأوسط الجديد في السنوات القادمة ومن لا يعيد صياغة سياساته الاقتصادية من دول المنطقة لن يكون له موطئ قدم في المستقبل الزاهر الذي ينتظرها.