: آخر تحديث

العودة للديار

0
0
0

أحمد المغلوث

في ثالت يوم من إقامتي في الفندق الشهير بمونت كارلو خرجت لمشاهدة شاطئ المدينة. كنت أسير مندهشاً مما أشاهده من جماليات المكان والأبنية السكنية العالية والفنادق الفخمة والمطاعم والبوتيكات التي كانت أكثر توافقاً مع تخطيط المدينة التي باتت يوماً بعد يوم أكثر جاذبية واستقطاباً لعشاقها من كلا الجنسين. فبالتالي باتت تزدحم بعشاقها القادمين إليها من مختلف دول العالم كنت أحمل على كتفي حقيبة صغيرة بداخلها أشياء مهمة ومن ضمنها كاميرا ومفكرة أسجل فيه بعض الملاحظات، كذلك صحيفة سعودية شهيرة. بعد أن تجولت في الشاطئ المزدحم برواده جلست على مقعد أحد المطاعم وما أكثرها، وما هي إلا لحظات وإذا «بنادلة» المطعم الحسناء تحضر مستفسرة عن نوعية الإفطار. شكرتها على سرعة حضورها. وكانت على الطاولة قائمة مصورة فطلبت منها أن تعود بعد فترة قصيرة. أخرجت الصحيفة وبدأت أتصفحها وإذا بالرجل الذي يجلس بجواري يخزني خزاً، وبعدها حمل أوراقه التي كان يتصفحها وسحب مقعده وجلس بجانبي وهو يقول بلطف اسمح لي يا أستاذ أشاركك الجلوس. لم أتردد في الترحيب به، كان الرجل حسب ما تكشفه ملامحه قد تجاوز عقده السابع لكنه يتميز بحيوية الشباب. حال جلوسه عرف بنفسه، فقال أنا أبوعبد الرحمن. ثم ذكر اسم أسرته وأنه ينتمي إلى دولة خليجية معروفة، وأضاف لقد شاهدتك في المعرض العالمي، لقد قرأت عن المعرض وحضرت من مارسليا جنوب فرنسا حيث أقيم من أجل مشاهدة ما يشتمل عليه من أعمال، وتوقعت أن يشارك فيه بعض من الفنانين العرب. عندها شعرت بوجل وخوف أن يطلب مني مالاً، فكثيرون من الاخوة العرب يجيدون تقمص شخصيات أخرى، وبعضهم يلبس لكل حالة لبوسها بل إنهم يجيدون باحترافية دقيقة لهجات الدول الخليجية. راحت الأفكار تلوب في رأسي. وسألت نفسي هل أهرب بجلدي من هذا الشخص الغريب خوفاً من وقوعي في شباكه. أم أترك الأمر لله. كنت أفكر في ذلك عندما جاءت النادلة فقطعت حبل أفكاري وخوفي وإذا به يخرج من محفظته بطاقة فيزا ذهبية ويسلمها لها ويطلب أن تحضر لنا إفطاراً مشتركاً، وهو يشير لقائمة الطعام المصورة كان يقول لها ذلك بالفرنسية. حاولت أن أمنعه وعبثاً حاولت فراح يقسم بالله أنني ضيفه وأنني أعدته إلى الديار التي تسكن أعماقه. جاء طعام الإفطار الفرنسي وخبزه الشهير «الكراسون» كان إفطار كونتيننتال الشهير.. كان مبادراً فصب لي وله كوبين من الشاي الفاخر. لاحظ أبوعبدالرحمن الابتامة الخفيفة في عيني. وراح يقول كم أنا سعيد أن التقي بواحد من أبناء الخليج.. فشكرته وأردفت وأنا كذلك ولكن من أنت حقيقة؟. تردد قليلاً في الإجابة وقال: إذا كنت موجوداً هنا حتى يوم الغد فسوف أجيبك لماذا أنا اشتاق للديار...!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد