أسامة يماني
دخلت الهند وباكستان في عدة حروب ونزاعات عسكرية منذ استقلالهما عن الحكم البريطاني في عام 1947. ومن أبرز هذه الحروب ثلاث حروب رئيسة بعد حرب كشمير الأولى عام (1947-1948). هذه الحروب الثلاث هي كالتالي: حرب كشمير الثانية (1965)، وحرب تحرير بنغلاديش أو حرب عام 1971، والثالثة حرب مايو 2025 الأخيرة؛ التي اشتعلت عقب تنفيذ الهجوم الإرهابي الذي وقع في كشمير الهندية والذي أطلقت عليه الهند اسم «عملية سيندور». وكما ذكرت التلغراف البريطانية في مقال عن الحرب الأخيرة بعنوان: كيف ساعدت الصين باكستان في إسقاط الطائرات المقاتلة الهندية، ذهبت الصحيفة إلى أنه وفقاً لوثائق مسربة وتحليل عسكري، زودت الصين باكستان بنظام رادار متطور وبيانات استخباراتية من أقمارها الصناعية، مما سمح للقوات الجوية الباكستانية بتتبع الطائرات الهندية بدقة. كما قدمت بكين أنظمة تشويش إلكتروني عطلت اتصالات الطائرات الهندية، مما سهل مهمة الاعتراض. كما كشفت وكالات استخبارات غربية أن التعاون العسكري الصيني- الباكستاني يتجاوز الأسلحة التقليدية، ويشمل نقل تكنولوجيا متطورة مثل أنظمة الحرب الإلكترونية، مما يثير مخاوف من سباق تسلح في جنوب آسيا.
وبتحليل الوقائع والأحداث المتوفرة يتضح أن الباكستان خسرت حربين متتاليتين، حيث خسرت في إحدى هذه الحروب ما كان يعرف بباكستان الشرقية (بنغلاديش).
كما تُظهر هذه الحرب نجاح السلاح الصيني والتكنولوجيا الصينية في ساحة قتال حقيقية. ومن نتائج هذه الحرب تغير موازين القوى في جنوب آسيا، الأمر الذي جعل الخارجية الهندية تتهم الصين بـ«التورط في تقويض الاستقرار الإقليمي». وقد أكدت عملية سيندور أهمية التفوق التكنولوجي في الحروب الحديثة، حيث كشفت العملية أن التقنيات الصينية المتطورة (الرادارات، أنظمة التشويش، الاستخبارات الفضائية) غيّرت موازين القوى.
- أثبتت أن الحرب الإلكترونية أصبحت عاملاً حاسماً يفوق أحياناً التفوق العددي وأهم من تسريع برامج تحديث لأساطيل الجوية. وأثبتت الأحداث خطورة التحالفات العسكرية غير المعلنة، فقد أظهرت كيف يمكن لدولة ثالثة (الصين) أن تغير نتائج الصراع دون تدخل مباشر، وعمق التحالف الصيني- الباكستاني الذي يتجاوز العلاقات الدبلوماسية إلى تبادل تقنيات حساسة.
من الدروس المستفادة التي على الدول الصغيرة والمتوسطة الاهتمام بها وأخذها في الاعتبار أهمية تنويع مصادر التسلح (كما فعلت باكستان بين مصادر صينية وأمريكية)، ضرورة تطوير أنظمة دفاع جوي متكاملة، وضرورة الاستثمار في الحرب السيبرانية والإلكترونية.
عملية سيندور لم تكن مجرد مواجهة جوية عابرة، بل كانت نقطة تحول في فهم طبيعة الحروب الحديثة، ودور التقنية في تغيير موازين القوى وتعقيدات التحالفات في القرن الحادي والعشرين. هذه الدروس تفرض على جميع الدول -خاصة في المناطق الساخنة- إعادة تقييم:
1- إستراتيجياتها الدفاعية.
2- تحالفاتها العسكرية.
3- استثماراتها في البحث والتطوير العسكري.