لا أدري لماذا لا يُقبل رواد الأعمال على الاندماج مع المؤسسات الصغيرة المماثلة لهم أو مع كيانات أكبر كأحد الحلول لمواجهة التحديات التي قد تواجه بعضهم بعد فترة من بدأ نشاطهم.. سواء كانت هذه التحديات مالية أو إدارية أو تسويقية ما يجعلهم غير قادرين على مواجهة المنافسة وبالتالي الإنسحاب من السوق قبل تحقيق الأهداف التي كان من المتوقع تحقيقها.
والاندماج هو توافق بين شركتين أو مؤسستين ينتج عنه كيان جديد، وقد يكون الاندماج بين كيانين من ذات النشاط أو مع كيان من نوع آخر قانونياً ومن حيث النشاط أيضاً. ويسمى الاندماج بين كيانين في النشاط نفسه اندماجا أفقياً أما إذا اختلف النشاط ولكنهما يكملان بعضاً فهو اندماج رأسي.
وبصورة عامة فإن جميع أنواع الاندماج تحمل عدة فوائد للشركات أهمها زيادة الحصة السوقية بحيث يعزز القدرة التنافسية ويمنح قوة أكبر في السوق وكذلك تقليل التكاليف عن طريق دمج العمليات وتقليل المصاريف التشغيلية والإدارية وكل هذه الفوائد من شأنها تعزيز القدرات المالية لدعم الاستثمار وتوسع النشاط.
وهناك جوانب إيجابية هامة ناتجة عن الاندماج ومنها تبادل الخبرات والاستفادة من مهارات الموارد البشرية بين الكيانات المندمجة ما يرفع كفاءة الإنتاج ويزيد من فرص الابتكار بهدف تحسين المنتجات والخدمات الموجودة وتطوير أخرى جديدة.. وعودة إلى التساؤل الذي ذكرته في البداية حول أسباب تردد رواد الأعمال في الاندماج مع كيانات مماثلة أو أكبر لتفادي الانسحاب من السوق أقول أن تحديات الاندماج التي يمكن التغلب عليها بطرح جميع الجوانب في فترة المباحثات والمناقشات تتمثل في صعوبة دمج الثقافات التنظيمية والخوف من أن يؤدي ذلك إلى صراعات داخلية بين الموظفين وفقدان بعض الموظفين الأساسيين والتركيز على عملية الدمج بدلاً من الأنشطة الأساسية.
ويمكن الاستفادة من التجارب الإيجابية على نجاح عمليات الاندماج مما حدث من نجاحات في الاندماج في قطاعات التأمين والصناعة والتقنية وإذا لم يتم الاندماج الكامل على الأقل قد تحصل الاستفادة من اتفاقيات تعاون تجارية ذات إطار واضح بهدف تبادل الخبرات والمنافع دون الاندماج.. وتكون هذه المرحلة تمهيداً لخطوات الاندماج الكامل بعد توافر القناعة التامة.
وأخيرًا: هناك جهات عديدة من المؤمل أن تشجع رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على تقبل فكرة الاندماج في سبيل خلق كيانات قوية لها دور في الاقتصاد الوطني بدل أن تكون كيانات ضعيفة تتعثر حتى تضطر إلى الانسحاب من السوق كما أشرنا من قبل ومن أهم هذه الجهات وزارة التجارة وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة ثم مجلس الغرف التجارية والغرف نفسها عن طريق تنظيم محاضرات ودورات وورش عمل في مختلف المناطق يدعى لها محاضرون متخصصون من الشركات الاستشارية المحلية والعالمية لشرح مراحل الاندماج وكيفية التأكد من جميع الجوانب.
كما أن وسائل الإعلام المختلفة يمكن أن تسهم في نشر ثقافة الاندماج وتكوين كيانات قوية متخصصة بدل الأعداد الكبيرة من تلك الكيانات الصغيرة التي لا تستطيع الصمود طويلا أمام التحديات وتكون النهاية خسارة لأصحابها والاقتصاد الوطني والوطن الذي قدم كثيرا من التسهيلات لقيام هذه الكيانات.
رواد الأعمال وفكرة الاندماج
مواضيع ذات صلة