هيفاء صفوق
قد نتساءل عن هذه الفوضى والمشادات الكلامية العنصرية والعدوانية البغيضة في وسائل السوشل ميديا، لماذا يحدث كل ذلك؟ ولماذا يتم التراشق بالكلمات البذيئة التي تتسم بالسخرية والاستهزاء والفوقية؟ ونستغرب لماذا هذا العداء ثم نقرر ألا نعود إلى تلك الأماكن مجددا، ولكن يظل هناك سؤال حائر في عقولنا: لماذا كل هذا العناء والعداء ومن يستفيد من ذلك؟
هل يعاني أفراد عصرنا من الفراغ الداخلي أو من افتقاد السكينة الداخلية فيلجأ إلى تفريغ تلك الشحنات الغاضبة من الذات أو من الحياة في الآخرين كوسيلة تفريغ مما يعاني منه من الداخل.
للأسف البعض يعيش ويقتات من خلف هذه الزوابع والعواصف الكلامية العدائية، فيشعر بالراحة والتميز أنه على أحسن حال وأفضل كلام أو يشعر بتواجده أنه حي في هذه الحياة، وهذا ما يغيب على هؤلاء أن الحياة لن تكون هكذا عبثية وفوضوية وعدائية لكي يشعروا بتلك الراحة أو التفريغ الخطاء والأعمى، بل الحياة أوجدها الله عز وجل لرسالة وهدف وكل إنسان محاسب على نواياه وأفكاره وأفعاله وسلوكه، وهنا يأتي دور وأهمية الوعي بأن يدرك الإنسان أين يقف وماذا يقول ويفعل وألا تجرفه تلك الزوابع والعواصف التي تتسم بالكراهية والعدوانية وأن عليه دورًا عظيمًا بأن يفعل هذا العقل بالتفكير ويدرك مكانته على هذه الأرض فهو ليس ساذجا يردد ما يقوله الآخرون دون وعي منه.
من ينظر خارج تلك العواصف الكلامية يدرك أن هؤلاء من الأفراد يعيشون على صفيح ساخن ينتظر لحظة الانفجار، ويستغل هذه العواصف الكلامية والعدائية لزيادة الفتن والتفرقة بين هؤلاء الأفراد، لذا مهم عدم الدخول من الأساس في تلك المعمعة الكلامية في السوشل ميديا وإدراك أهمية الوعي ورسالة الإنسان في الحياة فنحن لم نتواجد على هذه الأرض الطيبة عبثا أو صدفة.
يجعلنا نتساءل: كيف نعود إلى إنسانيتنا الطيبة المحبة وإفشاء كلمة السلام والمحبة بين بعضنا وتقليص تلك المساحات العدوانية التي تحتقر الفرد وتحجم قوته وطاقته في ضياعها في مهاترات كلامية لا طائل منها إلا التفرقة وبث العدائية بين الأفراد والشعوب، وكم هذا يبعد الفرد عن دوره في إعمار الأرض والتطور والرقي الإنساني وأن الله عز وجل خلقه وأكرمه لرسالة عظيمة.
نجد أن في هذه المساحات الكلامية العنصرية والعدائية تسلب الفرد قيمته وتجعله معطل الفكر وتسلبه الإرادة والتحكم في حياته وعندما يصبح الفرد تابعا لتلك الفوضى الكلامية التي لا طائل منها غير أنه يضيع وقته وهدفه، يسجن نفسه في سجن الكراهية والبغض فيفقد شيئا من ذاته.
وهنا يأتي دور الجميع في توسيع دائرة الوعي في إحياء الفكر الإنساني الطيب المحب ونبذ العنصرية والعدوانية وهذا دور كل إنسان عاقل راشد يدرك حقيقة وأهمية الكلمة الطيبة بين بعضنا وأهمية القيم والمبادئ الإنسانية وأن دورنا عظيم في الحياة.
دورنا اليوم في عالم غلبت عليه المادية والفوضى بأن نحسن الظن بين بعضنا وأن نتفهم طبيعة الاختلافات واحترام هذه الاختلافات والاجتهادات والاعتقادات طالما أنها لا تضر أحدا، وأن نعي أنه يبدأ كل شيء من أنفسنا، ردنا الوحيد على من يتمادى معنا هو اجتهادنا في تحقيق أهدافنا وتطورنا وقيمتنا كأفراد واعين هو العيش في حياة طيبة كريمة وأن نتنزه ونبتعد عن من يتعمد إهانتنا او إنقاص أهميتنا بالفعل لا بالكلام، بالفعل والعمل والقدرة على السيطرة في ردات فعلنا وأن نترفع عن الإساءة عن طريق تركيزنا فيما نريد أن نحقق في حياتنا من إنجازات وطموحات وأهداف.
إضاءة
النجاح يتطلب الوعي والتركيز والسلام الداخلي.