: آخر تحديث

بين استقلال الكويت وتحريرها

1
2
1

سلطان ابراهيم الخلف

مرّت الكويت بظروف قاسية قبل نيل استقلالها في 1961م؛ فقد كان العالم العربي حينها تجتاحه موجة قومية عارمة، تعادي الأنظمة، وتنظر إليها بعداوة. كما شكل انقلاب يوليو الوحشي الدموي 1958م في العراق الذي أطاح بالنظام الملكي الهاشمي خطراً جسيماً على استقلال الكويت، حيث هدّد عبدالكريم قاسم، الذي تولى السلطة بعد الانقلاب بضم الكويت إلى العراق، لكن محاولته باءت بالفشل بفضل الله ثم حنكة الأمير الراحل عبدالله السالم، رحمه الله، الذي استطاع العبور بالكويت إلى برّ الأمان بإعلان استقلال الكويت والحصول على الدعم العسكري العربي والبريطاني، ليزول الخطر وتنعم الكويت باستقلالها.

ولم يدم حكم الدكتاتور الشيوعي عبدالكريم قاسم، طويلاً، حيث أطاح به انقلاب دموي أودى بحياته في 1963، والجزاء من جنس العمل، وكان ذلك إيذاناً بانتهاء الأزمة مع ذلك الدكتاتور الذي جعل من الكويت موضوعاً يشغل به الشعب العراقي عن ظروفه السياسية والمعيشية المترديّة التي تمخضت عن انقلابه الدموي.

ربما تـكـــون الكويـــت مـــن الدول القليلة التي تحتفل بمناسبــتين وطنيتـــــين هما الاستقلال يعقــبه التحرير، وهو أمر غريب، لا يختلــف عن بعض الدول الأوروبية التي تحرّرت من الاحتلال النازي بعد أن كانت تتمتع بسيادتها واستقلالها، وعلى رأس تلك الدول فرنسا. الكويت تحررت من الاحتلال الصدامي البعثي الغاشم في 26 من فبراير 1991م، حيث اعتبر يوماً وطنياً يحتفى به، بعد مناسبة الاستقلال التي تصادف 25 فبراير من كل عام.

ذكرى تحرير الكويت تعتبر ذات أهمية كبرى بالنسبة للشعب الكويتي لا تقل أهمية عن ذكرى الاستقلال، حيث تخلّصت الكويت من أطماع الحكم الصدامي البعثي البائد، الذي كان يخفي نواياه العدوانية تجاه الكويت لسنوات طويلة، من دون مراعاة لوضع الكويت كدولة مستقلة ذات سيادة، وعضو في الأمم المتحدة، وفي جامعة الدول العربية، أو لوقوفها معه في حربه ضد إيران. وقد كان لمغادرة الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، أرض الوطن إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة صبيحة الغزو الصدامي في الثاني من أغسطس 1990، أن فوت الفرصة على الدكتاتور البعثي صدام، من النيل من قيادتنا السياسية، ما أتاح للشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، إعطاء الضوء الأخضر للتحالف الدولي وبشكل رسمي أممي في البدء بعملية تحرير الكويت، وتوفير الموارد المالية الكويتية كافة لدعمها.

ولعل تحرير الكويت قد كشف عن زيف الشعارات العروبية التي رفعها النظام الصدامي لتبرير مغامراته الكارثية، والتي لم تجلب للعرب سوى التفكك والضعف، كما يشهد على ذلك الوضع العربي الحالي، كما كشفت عن حقيقة العديد من المثقفين العرب الذين تحولوا إلى أبواق تدافع عن جريمة العدوان الصدامي، وعلى رأسهم الصحافي محمد حسنين هيكل، الذي اعتبر الاحتلال الصدامي للكويت «تصحيح خطأ تاريخي»! لكن ستبقى مناسبة تحرير الكويت، والتي كانت يوماً عالمياً مشهوداً، درساً رادعاً لكل من تسوّل له نفسه التعدّي على استقلال وسيادة الكويت.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد