وروى الزميل منتصر قصة وقعت في أبريل 2018، خلال زيارة البابا لرعيته في سان باولو، إيطاليا، حيث تقدم الطفل إيمانويل، 10 سنوات، ووجه، بعيون دامعة، سؤالا للبابا إن كان والده الملحد، الذي عمّدهم جميعا كمسيحيين، سيتبوأ مكانه في السماء (أي الجنة)؟ رد البابا، بتعاطف رائع، بأن الله لديه قلب أب وأن تصرفات والده الطيبة، مثل تعميده واخواته، تشير إلى صلاحه. فكيف سيترك الله شخصًا صالحًا، أحسن تربية ابنائه، بعيدًا عنه.
حظيت تلك الحادثة حينها باهتمام إعلامي، وبينت شخصية البابا العظيمة، وعكست نهجه في التعامل بطريقة إنسانية مع مختلف القضايا. وهذا ما نحن في أمس الحاجة له في مجتمعاتنا، التي أصبح فيها الغلو والتشدد هما الغالبان، فلا نسمع من رجال الدين، ومن صاحب الكرسي الأحمر بالذات، وأمثاله، غير التقريع والترهيب والتحذير، وقائمة طويلة من النواهي والمحاذير والمخاطر التي سيؤدي اقترافها او عدم القيام بها لأن «يتبوأ أصحابها أماكنهم في النار»!!
طبعا «الشرهة» ليست عليه وعلى أمثاله من الباحثين عن الشهرة والمال والنفوذ، المدركين جيدا بأن لا شيء يجلب الجمهور لهم والمال معهم، مثل التشدد ونشر كراهية الآخر، والعزف على وتر الطائفية، وبث الرعب في القلوب عن عذاب جهنم، بل الشرهة على وسائل الإعلام التي فتحت أبوابها لهم، وعلى وزارة الأوقاف التي أتاحت لهم نشر فكرهم المتشدد، وسمحت لهم بالإفتاء، ونتمنى عليها، في هذا الشهر المميز، أن تكون وزارة للشؤون الدينية، وليست لفئة محددة.
إننا بالفعل أحوج ما نكون للاقتداء بما يقوم به «أشقاؤنا» في السعودية، من إصلاحات دينية، فقد سئمنا بالفعل من كل هذا الغلو، وأصبحت أفئدتنا تحن للكلمة الرحيمة، وللفكر المتسامح!
أحمد الصراف