: آخر تحديث

برنامج تعزيز الشخصية السعودية

4
3
4

في قلب رحلة التحول الكبرى التي تشهدها المملكة العربية السعودية، يبرز برنامج تعزيز الشخصية السعودية كواحدة من أبرز المبادرات الاستراتيجية لرؤية 2030. هذا البرنامج لا يُعنى فقط ببناء القدرات وتعزيز المهارات، بل يحمل رسالة أعمق: تحويل المواطن السعودي إلى شريك أساسي وفعّال في صياغة مستقبل المملكة. وكما قال صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في خطابه أمام مجلس الشورى: «منذ إطلاق رؤية السعودية 2030 والمواطن نُصب أعيننا؛ فهو عمادها وغايتها».

منذ انطلاق البرنامج، بدأت ملامح التغيير تظهر بوضوح. فقد حقق البرنامج إنجازات ملموسة، مثل تطوير مهارات أكثر من 1.5 مليون شاب وشابة في مجالات مختلفة، من التكنولوجيا الحديثة إلى الطاقة المتجددة. إحدى هذه القصص الملهمة هي قصة ريانة برناوي، أول رائدة فضاء سعودية. برناوي ليست مجرد رمز للمرأة السعودية الطموحة، بل نموذج حي على كيفية تمكين الأفراد لتحقيق إنجازات عالمية. شاركت ريانة في رحلة تاريخية إلى محطة الفضاء الدولية، حيث أجرت أبحاثًا علمية متقدمة، من بينها دراسات على الخلايا الجذعية وسرطان الثدي.

إن هذه الخطوة التاريخية تعكس التطور الكبير الذي تشهده المملكة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وتبرز الدعم المستمر الذي تقدمه القيادة لتمكين المرأة والشباب في تحقيق أهدافهم والوصول إلى العالمية. ريانة برناوي قالت بكل فخر: «ما حققته ليس فقط إنجازًا شخصيًا، بل هو شهادة على قدرات المرأة السعودية ودورها في بناء مستقبل وطننا».

قصة ريانة ليست مجرد نجاح فردي، بل دليل واضح على أن رؤية 2030 ليست مجرد خطة، بل حقيقة تصنع قصص نجاح ملهمة تمثل المملكة في المحافل الدولية وتضعها في طليعة التقدم العلمي والابتكار.

البرنامج لا يقتصر على تمكين الشباب، بل يفتح أبوابه للجميع، معززًا ثقافة التخطيط المالي والإدارة الحكيمة للموارد. فقد ساعد البرنامج العديد من العائلات على تحسين مستوى معيشتهم من خلال برامج توعوية شاملة تعلّم كيفية إدارة المصاريف وزيادة المدخرات.

من جانب آخر، يعمل البرنامج على تعزيز مكانة المملكة دوليًا من خلال تصحيح الصورة الذهنية عنها. فقد أصبح المواطن السعودي سفيرًا لقيم الانفتاح والابتكار، مما جعل المملكة وجهة جذابة للاستثمارات الأجنبية. إحدى العلامات البارزة على ذلك كانت في مؤتمر «ليب» للتكنولوجيا في الرياض، حيث جذب الحدث أكثر من 500 شركة تقنية عالمية واستقطب استثمارات بقيمة تتجاوز 6.4 مليارات دولار، بفضل رؤية واضحة وإرادة وطنية طموحة.

على المستوى الاستراتيجي، يساهم برنامج تعزيز الشخصية السعودية في تحقيق تنوع اقتصادي مستدام من خلال دعم الصناعات غير النفطية. فالصناعات الإبداعية، على سبيل المثال، شهدت نموًا لافتًا مع إطلاق مبادرات تدعم الفنانين والمصممين السعوديين. ومن القصص التي تستحق الإشادة، قصة المصممة السعودية نورا آل الشيخ، التي استطاعت بفضل شغفها وابتكاراتها أن تفرض اسمها بقوة في عالم الموضة، مستلهمةً تصاميمها من التراث العربي ومقدمةً إياها بلمسات عصرية جذابة.

ومع كل هذه النجاحات، يظل الأثر الأعمق للبرنامج هو بناء جيل يتمتع بالمرونة والابتكار. جيل يتطلع للمستقبل بثقة ويعمل على مواجهة التحديات بروح مليئة بالإصرار. وكما قال أحد خريجي البرنامج في مجال الذكاء الاصطناعي: «البرنامج لم يمنحني وظيفة فقط، بل منحني رؤية مختلفة للحياة؛ رؤية تجعلني أطمح لأكون جزءًا من تغيير وطني للأفضل».

ختامًا، برنامج تعزيز الشخصية السعودية ليس مجرد مبادرة أخرى ضمن رؤية 2030، بل هو قلب الرؤية وروحها. إنه استثمار استراتيجي في الإنسان السعودي، الذي أصبح اليوم نموذجًا للريادة والتميز. ومع استمرار الجهود والإيمان المشترك بين القيادة والشعب، يتحول حلم التنمية الشاملة والمستدامة إلى حقيقة واضحة، تضع المملكة على خريطة العالم كنموذج يُحتذى به في النهضة الاقتصادية والاجتماعية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد