: آخر تحديث

ميلاد مجيد.. وكل عام وكردستان واحة للتعايش والسلام

3
3
3

تزين أجواء الأعياد إقليم كردستان العراق بوشاح ثلجي، وتبدد بدفئها برد الشتاء، في مدن الإقليم وقراه حيث العائلات المسيحية على موعد مع هدايا الميلاد المجيد في موسم القطاف. وفي هذه المناسبة الكريمة يتقاسم أبناء كردستان الفرحة بعودة الغُيّاب والتئام شمل الأحبة من أهل وجيران، في جو يسوده الأمن والأمان.

وتستعد الكنائس والأديرة في كردستان لاحتضان المصلين وهم يرفعون أصواتهم بالدعاء إلى الله من أجل حماية التآخي بين الناس في يوم ميلاد رسول السلام. ويزدان الإقليم بأشجار الميلاد المتلألئة التي تنشر البهاء والأمل، في وقت يضرم فيه الظلاميون النار في مثيلاتها لكي يحجبوا الضياء عن العراق وبلاد الشام.

هكذا يأتي موسم الأعياد هذا العام ليسلط الضوء بقوة أكبر على تميز الإقليم الذي تسهر حكومته على تعزيز الأمن الاجتماعي من خلال تمتين روابط التعاون والود بين أبنائه.

ليس غريبا إذن أن يرفل إقليم كردستان بأثواب العيد هذه الأيام، ويتهيأ أبناؤه المسيحيون على وجه الخصوص لقطف البهجة خلافا لإخوانهم في بقية المحافظات العراقية. ففيما يُقبل المسيحيون بشكل متزايد للاستقرار في كردستان، تشهد مدن العراق وقراه تراجعا تدريجيا في عددهم الذي كان يقدر بمليون ونصف مليون مواطن. ويُخشى أن يأتي اليوم الذي يصبحون فيه أقلية في العراق حيث لا يزيد عدد أبنائها حاليا على 300 ألف نسمة مع تعاظم حركة هجرتهم إلى المنافي القريبة والبعيدة، ولجوئهم إلى كردستان.

من حق المسيحيين في كردستان أن يرشفوا الفرح في الميلاد المجيد وكل أيام السنة، طالما أنهم يعيشون في إقليم تعمل حكومته بلا كلل أو ملل للمحافظة على استقراره 

وتعود بداية النزوح المسيحي عن العراق إلى الفترة التي أعقبت تفجير كنيسة سيدة النجاة في بغداد عام 2010 وما شهدته من أحداث طالت دور المسيحيين في الموصل وسهل نينوى عام 2014 وصولاً إلى فاجعة عرس الحمدانية قبل نحو عام. وعلى الرغم من أن الأمل في العيش بسلام لم يخبُ تماما لدى المسيحيين في أنحاء العراق، فالألم عنوان حياتهم والخوف جاثم على صدورهم!

في المقابل باتت ثقافة التعايش والسلم الأهليين -التي أرسى جذورها الرئيس مسعود بارزاني ويعمل ابنه مسرور رئيس الحكومة على ترسيخها- قاعدة لبناء المجتمع الجديد في إقليم كردستان حيث يتمتع الجميع بالحقوق والحريات المشروعة كافة بما فيها حق ممارسة شعائرهم الدينية.

وعليه، لا تزال الكنائس والأديرة تزداد عددا يوما بعد يوم، وبحسب آخر الإحصائيات فإن إقليم كردستان يضم حاليا 300 كنيسة تتوزع على مدنه وأريافه. واللافت أن بعض دور العبادة هذه لا تزال تحافظ على رونقها العتيق ومنها ما تم تحديثه. وقد شملت حركة التجديد المقر البطريركي للكنيسة الآشورية في أربيل الذي تم إنشاؤه على نفقة الرئيس مسعود بارزاني. وقد افتتح أخيرا بحضور جمهور غفير في تأكيد لحرص القيادة على مواصلة دعم مكونات الإقليم كلها بغض النظر عن القومية أو الدين أو الطائفة، وضمان نيل الجميع حقوقهم الكاملة.

وظهر هذا التوجه في مواقف مسرور بارزاني، الذي اعتبر أن “خدمة المواطنين والحفاظ على حقوقهم” بمثابة اللبنة الأساسية لبرنامج حكومته الإصلاحي الرامي إلى تطوير الإقليم والمضي به إلى الأمام.

ولا يعرف حرص حكومة كردستان على صون الحقوق والحريات الدينية حدودا. فهي تكرس طاقاتها كلها، بما فيها العسكرية، لتحقيق هذه الغاية، إذ إن “قوات البيشمركة هي من أعادت نصب الصليب على كنائس سهل نينوى،” كما قال رئيس حكومة الإقليم. من هنا، فهي تأمل في أن “تصبح عنكاوا أكبر منطقة للمسيحيين في الشرق الأوسط.”

وعليه، من حق المسيحيين في كردستان أن يرشفوا الفرح في الميلاد المجيد وكل أيام السنة، طالما أنهم يعيشون في إقليم تعمل حكومته بلا كلل أو ملل للمحافظة على استقراره كواحة للاعتدال والوئام بين جميع أبنائه على اختلاف مذاهبهم وثقافاتهم.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد