خالد السليمان
يملك لبنان اليوم فرصة لطي صفحة مرحلة حزب الله بكل «شخوصها»، فالسماح بإعادة تأهيل وتمكين الحزب لاستمرار سطوته على المشهد اللبناني تعني أن لبنان سيبقى أسير أزماته !
كما يحتم الواجب الوطني الآن انعقاد البرلمان اللبناني بأسرع وقت والتعالي على المناكفات الضيقة والتي أصبحت تافهة أمام الزلزال الذي أصاب لبنان لانتخاب رئيس جمهورية يحظى بثقة اللبنانيين، وتشكيل حكومة وطنية تحظى بثقة المجتمع الدولي ليستعيد لبنان مكانته الطبيعية بين دول العالم بعد أن فرض عليه حزب الله أن يدور في فلك التبعية الإيرانية !
هي فرصة ثمينة للتغيير الذي لطالما تاقت له نفوس اللبنانيين وكل أصدقاء لبنان، فلبنان سيتغير كثيراً إذا تحرر من سطوة الحزب وربما يعيد تشكيل طبقته السياسية !
***
شاهدت مقطعاً لشخص يشكك فيه بإيمان كل من يفرح بضرب إسرائيل لحماس وحزب الله، بل ووصل به الأمر لتصنيفه من الكافرين الذين ينطبق عليهم ما جاء في أتباع المسيح الدجال !
هذا الشخص استخدم نفس مبدأ الخوارج في تكفير كل من لم يناصرهم ويوافق منهجهم، وهو مبدأ استخدم لتبرير سفك دماء المسلمين وتسبب بالموت والدمار في العديد من المجتمعات الإسلامية عبر الزمن !
في الحقيقة محاولة الربط بين التعاطف مع الضحايا الأبرياء من الفلسطينيين واللبنانيين والتعاطف مع الأحزاب والميليشيات التي ساهمت في ابتلائهم عمل خبيث واستغلال للعواطف الدينية في ممارسة الخداع وإلباس الباطل ثوب الحق، وهو ما مارسته الآلة الدعائية للأحزاب الإيديولوجية طيلة عقود من الزمن، فالمقاومة التي مثلت المشروع الإيراني في المنطقة رفعت شعار فلسطين منذ قيام الثورة الإيرانية، لكن جميع ضحاياها كانوا من الأبرياء المسلمين في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن، ناهيك عن الأبرياء في دول عربية أخرى استهدفتها أعمال الإرهاب والتفجيرات وعمليات الاغتيال والتخريب وزعزعة الاستقرار !
تنفطر القلوب لما يتعرض له الأبرياء في غزة ولبنان على يد العدو الصهيوني المتجرد من الإنسانية، لكن العقول لا تتسامح مع أحزاب وميليشيات شعارات المقاومة، التي منحت العدو أسباب ارتكاب جرائمه الفظيعة في لحظات الضعف وعدم تكافؤ القوة !
لا يمكن أن نطالب السوريين بالتعاطف مع من ساهموا بتدمير بلادهم وقتل وتشريد أطفالهم ونسائهم وشيوخهم وأبنائهم تحت رايات الطائفية البغيضة التي تلبست شعارات مجاهدة العدو الصهيوني المزيفة، ولا أن نطالب العراقيين بالتعاطف مع ميليشيات الحقد التي نحرتهم في وطنهم ولم تفرق وحشيتهم في شيء عن وحشية الدواعش، ولا أن نطالب الخليجيين بالتعاطف مع أحزاب وحركات تهاجمهم ليل نهار تتهمهم بالصهينة والخيانة وتدعو عليهم بالدمار والخسران في الوقت الذي تبذل فيه دول الخليج بكل سخاء في إعمار المدن العربية المنكوبة وتقديم المساعدات الإنسانية والدعم السياسي الصلب للقضية الفلسطينية ؟!
اليوم نحن أمام منعطف حاد يجب أن تطوى فيه صفحة الشعارات الزائفة والمتاجرين بعواطف ودماء الأبرياء.. حان الوقت لسلك طرق أخرى تقود الفلسطينيين لاستعادة حقوقهم ويقيمون دولتهم بعد أن ثبت أن كل طرق المتاجرين بقضيتهم مسدودة وتملأها الأشواك والدماء، حان الوقت للإيمان بجهود أصدقاء ومناصري فلسطين الحقيقيين وتنقية القلوب تجاههم، فاستمرار القلوب العمياء دون إدراك الحقيقة وإبصار النور لن يقودها إلا إلى المزيد من التيه في متاهات الكراهية المظلمة !
باختصار.. التعاطف مع الأحزاب والميليشيات المتاجرة بعواطف الشعوب العربية والقضية الفلسطينية هو خيانة لهذه الشعوب وهذه القضية !